الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

حكم غرامة التأخير على المستأجر عند عدم التزامه بسداد الأقساط وعند فسخ العقد قبل مدته

260482

تاريخ النشر : 10-11-2017

المشاهدات : 30593

السؤال

تقوم مكاتب وشركات العقارات بتغريم المستأجر بملبغ 500 درهم في حال استرجاع الشيكات ؛ وتقوم أيضا بتحميل المستأجر تكلفة شهرين من قيمة الإيجار في حال فسخ العقد قبل مدته ؛ فهل يجوز لهم ذلك ؟ وما معنى قول العلماء " لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلَّم فيه ؛ لأنَّه عبارة عن دين ، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الديون عند التأخير" ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز اشتراطة غرامة على التأخر في سداد الديون؛ لأن ذلك من الربا المحرم.

ويدخل في "الديون" : أجرة العقار، وثمن البيع الآجل، والمُسلَم فيه، أي السلعة المطلوبة في بيع السلم، كمن اشترى مائة صاع من البر ، تُسلّم له في أجل معين ؛ فهذه كلها ديون، لا يجوز اشتراط الزيادة فيها.

ومن استأجر عقارا، وكانت الأجرة مؤجلة، فإنها تكون ديناً في ذمته، وصاحب العقار يملك الأجرة من حين العقد، كما أن المستأجر يملك المنفعة.

قال ابن قدامة رحمه الله "الكافي" (1/279) : " ولو أجر داره سنين بأجرة : ملكها من حين العقد، وجرت في حول الزكاة ، وحكمها حكم الدين " انتهى .

وعليه :

فلا يجوز لمكاتب العقار تغريم المستأجر في حال عدم التزامه بسداد الأقساط.

ثانيا:

أما اشتراط مبلغ في حال فسخ الإجارة قبل موعدها، فذلك من الشرط الجزائي الجائز؛ لأن الشرط الجزائي جائز في جميع العقود المالية ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح .

وبيان ذلك، أن عقد الإجارة ملزم للطرفين، والأجرة فيه واجبة إلى نهاية العقد، سواء انتفع المستأجر بالعقار ، أو تركه باختياره.

قال في الروض المربع ص 414: " (وإن بدأ الآخر) أي: المستأجر فتحول (قبل انقضائها) أي: انقضاء مدة الإجارة، (فعليه) جميع (الأجرة) ؛ لأنها عقد لازم، فترتب مقتضاها ، وهو ملك المؤجر الأجر ، والمستأجر المنافع" انتهى.

وعلى هذا :

فلمالك العقار أن يأخذ الأجرة كاملة ، في حال عدم رضاه بفسخ العقد قبل مدته.

وله أن يشترط أجرة شهرين لقبول هذا الفسخ .

كما أن للمستأجر أن يشترط هذا أيضا على المؤجر ، إذا أراد الفسخ ، قبل انتهاء العقد .

والأصل في الشروط الصحة ، ما لم تتضمن محرما ، كالزيادة على الدين.

قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وروى البيهقي (14826) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ " وصححه الألباني في " الإرواء" (6/ 303).

وقال البخاري في صحيحه: " وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه" انتهى من صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط .

وقد جاء هذا موضحا في قرار مجمع الفقه الإسلامي، وفيه العبارة التي وردت في السؤال ، بشأن دين السلم، والتفريق بين الشرط الجزائي في الديون وغيرها، حتى في العقد الواحد، كعقد الاستصناع، فإنه يجوز الشرط في حق الصانع إذا تأخر في تسليم العين المستصنعة أن يغرّم، ولا يجوز في حق المستصنع إذا تأخر في دفع ثمن الاستصناع؛ لأن هذا الثمن دين، ولا يجوز الشرط الجزائي في الدين، لأنه سيؤدي إلى زيادته، وكل زيادة مشترطة على الدين ممنوعة.

فمما جاء في القرار:

" يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح.

وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع) ، إذا لم ينفذ ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .

ولا يجوز – مثلاً– في البيع بالتقسيط ، بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية ، سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصْنِع (المشتري) إذا تأخر في أداء ما عليه" انتهى.

وانظر نص القرار بتمامه، في جواب السؤال رقم (112090).

ومما جاء في قراره بشأن السلم:

" لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المُسْلَم فيه ؛ لأنه عبارة عن دَيْن ، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الدين عند التأخير" انتهى.

فالمُسلَم فيه هو السلعة المطلوبة، وهي دين على المسلَم إليه، فلو تأخر في تسليمها لم يجز فرض غرامة عليه.

ولعله بذلك قد اتضح الفرق بين ما يجوز فيه الشرط الجزائي وما لا يجوز.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب