الحمد لله.
أولا:
يحرم الإقراض بفائدة، مهما كانت يسيرة، وذلك ربا مجمع على تحريمه.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/ 436): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
ثانيا:
العمل في هذا الصندوق فيه تفصيل:
1- فإن كان أكثر نشاطه هو الإقراض الربوي، حرُم العمل فيه، ولو فيما لا يتصل بالربا.
أما ما يتصل بالربا، ككتابة عقود القروض أو مراجعتها أو الشهادة عليها أو حساب مالها ونحو ذلك: فهذا لا شك في تحريمه، وإثم فاعله كإثم آكل الربا؛ لما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ .
وأما العمل في مجال بعيد عن الربا، كإعطاء المِنح؛ فلكونه ضمن نظام واحد قائم على الإقراض الربوي، فلا يخلو الأمر من الإعانة على الربا، ومن أجل ذلك حرم أهل العلم العمل في البنك الربوي مطلقا.
سُئلت اللجنة الدائمة عن رجل يعمل حارساً ليليّاً في أحد البنوك ، وليس له علاقة في المعاملات، هل يستمر في عمله أو يتركه ؟
فأجابت :البنوك التي تتعامل بالربا: لا يجوز للمسلم أن يكون حارساً لها ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد نهى الله عنه بقوله : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).
وأغلب أحوال البنوك التعامل بالربا، وينبغي لك أن تبحث عن طريق حلال من طرق طلب الرزق غير هذا الطريق .وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى من " فتاوى إسلامية " ( 2 / 401 ، 402 ) .
2-وإن كان الإقراض الربوي ليس الغالب على نشاط الصندوق، بل أنشطة مباحة معتبرة، جاز العمل في النشاط المباح فيه، بشرط عدم الإعانة على الربا بوجه من الوجوه.
والله أعلم.
تعليق