الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

سلمته والدته مبلغا ليؤدي دين والده المتوفى، فتصرف بالفائض بدون إذن والدته

270710

تاريخ النشر : 09-06-2017

المشاهدات : 2999

السؤال

توفي والدي ، وكان عليه دين ، فأعطتني والدتي هذا الدين لأسدده ، وكان بمقدار 10000 ، علما بأن المبلغ جمعه بعض فاعلي الخير لمرور والدي بضائقة مالية ، فسددت 7500 ، وتبقى 2500 هي المبلغ المتبقي سامح فيه صاحب الدين ، فأخذت المبلغ المتبقي دون علم والدتي وإخواني ، وقد صرفت من هذا المبلغ جزءاً في علاجي بمقدار 600 جنيه ، وساعدت به في المنزل ، وأمي لا تعلم بذلك ، وقد تبت من هذا الذنب العظيم ، وليس بإستطاعتي أن أرد المبلغ لأمي ، وأريد أخبارها فماذا أفعل ؟ وكيف أتحدث إليها ، وأخاف إن تحدثت إليها أن أفقد ثقتها بي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

بداية ، نحمد الله جل جلاله ، أن بصرك بخطئك ، ويسر لك التوبة منه ، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ، بمنه وكرمه ، وأن ييسر لك أمرك ويفرج همك.

ثانيا:

الذي يفهم من السؤال هو أن المبلغ كان ملكا لوالدك قبل وفاته؛ جمعه بعض فاعلي الخير لوالدك بسبب مروره بضائقة مالية، وعلى هذا فبوفاته أصبح ضمن التركة ، فتسدد منه ديون والدك ، ثم يكون الباقي للورثة .

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (11 / 216):

" لا خلاف بين الفقهاء في أن الحقوق المتعلقة بالتركة ليست على مرتبة واحدة، وأن بعضها مقدم على بعض، فيقدم من حيث الجملة تجهيز الميت وتكفينه، ثم أداء الدين، ثم تنفيذ وصاياه، والباقي للورثة " انتهى.

وعلى هذا ؛ فالمبلغ الذي أخذته هو حق لجميع الورثة .

والتوبة من الذنب المتعلق بالاعتداء على حق آدمي: لا بد فيها من رد هذا الحق إلى صاحبه ، وطلب عفوه.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:

أحدها: أن يقلع عن المعصية.

والثاني: أن يندم على فعلها.

والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.

فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.

وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها " انتهى. "رياض الصالحين" (ص 14).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري (2449).

فإن عجزت عن رد هذه الأموال فلا بد من طلب العفو من أمك والورثة، فليس لك إلا هذا.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" ومن أحكام -التوبة-: أنها إذا كانت متضمنة لحق آدمي أن يخرج التائب إليه منه، إما بأدائه، وإما باستحلاله منه بعد إعلامه به ، إن كان حقا ماليا ، أو جناية على بدنه أو بدن موروثه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض، فليتحلله اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات )" انتهى .

"مدارج السالكين" (1 / 757).

واعلم أخي أن فضيحة الدنيا أهون من فضحية الآخرة، وأن تقوى الله تعالى باب لكل خير وسعادة.

قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق (2 – 3).

والتائب الصادق في توبته المحقق لشروطها هو متق لله تعالى فالله تعالى سيجعل له مخرجا.

فعليك أخي الكريم أن تتوكل على الله تعالى  وتخبر والدتك وورثة والدك بالأمر، وتختار لذلك الوقت المناسب، والحال المناسب، ولتجتهد في إرضاء أمك، وأنت أعلم بالطريق إلى قلب أمك وقلوب ورثة والدك، ولو رفضوا فلا تغضب عليهم بل تذكر أنهم أصحاب حق لهم الحق في المطالبة به .

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك .

والله أعلم.


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب