الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

عنده لقطة وجب عليه أن يتصدقها بها عن صاحبها ، وهو فقير فهل يأخذ منها؟

270735

تاريخ النشر : 12-07-2017

المشاهدات : 17977

السؤال

منذ أكثر من ثلاث سنوات وجدنا ذهبا يساوي ألف ريال ، أو أقل قليلا، ولم نكن نعرف الحكم. السوال : ماذا أفعل به ؟ هل أبيعه وأستفيد منه مع العلم أنني محتاج أم أبيعه ، وأتصدق به ؟ ولا أظن أنني سأجد صاحب هذا الذهب بعد كل هذه السنوات .

ملخص الجواب

ملخص الجواب : الواجب على واجد اللقطة أن يعرفها سنة من حين التقاطها ولا يؤخر ذلك . فإن عرفها فلم يأت صاحبها = جاز له الانتفاع بها . وإن لم يعرفها من حين التقطها، فعليه التوبة والبحث عن صاحبها . فإن أيس من أن يجده : تصدق بها عنه . وإن كان محتاجا فقيرا : جاز له الأخذ منها ، بعد أن يتوب ، كما قال به جماعة من أهل العلم.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الواجب على من وجد لقطة أن يعرّفها سنة ، فيسأل عن صاحبها في مجامع الناس وحيث يمكنه أن يجده ، فإن لم يأت صاحبها ، فلا حرج عليه أن ينتفع بها ، على أن يضمنها لصاحبها إذا جاء يوماً من الدهر ؛ لما روى مسلم (3249) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة من الذهب أو الفضة ، فقال : ( اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا [ يعني : يعرف صفات الكيس والوعاء الذي كانت فيه ] ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ، فَاسْتَنْفِقْهَا ، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ ، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ ) .

وللاستزادة ينظر جواب السؤال رقم : (5049) ، ورقم : (4046) .

ثانيا :

إذا كان الملتقط قد عَرّف اللقطة في السوق أو في مجامع الناس ، سنة كاملة من وقت التقاطها، فلا حرج عليه في تملكها والانتفاع بها بعد السنة، ولا يلزمه التصدق بها .

وأما إذا لم يُعرِّفها في ذلك الوقت ، فلا تدخل تلك اللقطة في ملكه ، حتى ولو قام بتعريفها بعد ذلك ، وعليه أن يتصدق بها عن صاحبها ، أو يبيعها ويتصدق بثمنها .

قال ابن رشد المالكي فيمن وجد حديدة :

"هو مخير إن شاء تصدق بها بعينها على مسكين واحد أو على مساكين تكون بينهم ، وإن شاء باعها فتصدق بثمنها" انتهى من "البيان والتحصيل" (15/368) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين :

"أنا مدرسة وجدت سوارا من ذهب في الباص فعرضته على زميلاتي فقلن: ليس لنا، وعرضت ذلك على صاحب الباص فقال: ليس لي، وهي عندي منذ سنتين الآن، فهل تعتبر لي أم أبيعها وأتصدق بثمنها، وأنا أعرف أن اللقطة تنشد لمدة سنة ولكني وجدتها في الباص فكيف أنشدها وأنا امرأة؟

الجواب : أما كيف تنشدها وهي امرأة فلا يطلب من المرأة أن تنشد الضالة بنفسها، أو تنشد اللقطة بنفسها، توكل من ينشدها من أب أو أخ أو عم أو ما أشبه ذلك .

لكن في هذه المسألة بالذات نظرا إلى أنها لم تنشدها الإنشاد المطلوب وهو سنة، يجب عليها الآن أن تبيعها ، وتتصدق بثمنها لصاحبها، أو أن تتصدق بها لمن يحتاجها من الفقراء، لكن الصدقة بقيمتها قد يكون أفضل؛ لأن الفقير ينتفع بالقيمة في طعام وشراب وكسوة وغير ذلك" انتهى من "اللقاء الشهري" الثالث .

 ثالثا :

إذا كان عند رجل مال ، لا يعرف صاحبه ووجب عليه أن يتصدق به ، كاللقطة المسؤول عنها، وكالمال المغصوب ، والودائع التي جهل أصحابها ، فهل يجوز أن يتصدق بشيء من ذلك على نفسه، إن كان من أهل الصدقة ؟ للعلماء قولان في ذلك .

القول الأول :

المنع لأنه يخشى أن يحابي نفسه، فلا يجوز أن يصرفه على نفسه سدا للذريعة .

قال البهوتي :

"(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ بِيَدِهِ الْغُصُوبُ وَالرُّهُونُ وَالْأَمَانَاتُ الْمَجْهُولَةُ أَرْبَابُهَا (التَّوَسُّعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ) كَانَ (فَقِيرًا) مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]" انتهى من شرح منتهى الإرادات (2/323) .

والقول الثاني يجوز ذلك :

قال أبو حامد الغزالي في معرض حديثه عن التخلص من المال بالصدقة :

" له أن يتصدق على نفسه وعياله إذا كان فقيرا ، أما عياله وأهله فلا يخفى ؛ لأن الفقر لا ينتفي عنهم بكونهم من عياله وأهله ، بل هم أولى من يتصدق عليهم ، وأما هو فله أن يأخذ منه قدر حاجته ؛ لأنه أيضا فقير ، ولو تصدق به على فقير لجاز ، وكذا إذا كان هو الفقير " انتهى من "إحياء علوم الدين" (2/132) .

ونقل هذا النص -عن أبي حامد- النووي في المجموع ، وقال :

"وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي هَذَا الْفَرْعِ ذَكَرَهُ آخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ كَمَا قَالُوهُ" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (9/351) .

وهذا ما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الغاصب إذا تاب ، فجوازه للملتقط المقصّر في التعريف من باب أولى ، بشرط التوبة من تقصيره ، مع كونه فقيرا محتاجا .

ونقل القولين ابن رجب في قواعده، فقال :

"الأموال التي تجب الصدقة فيها شرعًا، للجهل بأربابها؛ كالغصوب والودائع؛ لا يجوز لمن هي في يده الأخذ منها ، على المنصوص.

وخرج القاضي جواز الأكل له منها ، إذا كان فقيرا ، على الروايتين في جواز شراء الوصي من نفسه . كذا نقله عنه ابن عقيل في "فنونه" .

وأفتى به الشيخ تقي الدين في الغاصب الفقير إذا تاب" انتهى من "قواعد ابن رجب" (2/41) .

وينظر جواب السؤال (177744) .

والخلاصة :

كان الواجب على واجد اللقطة أن يعرفها سنة من حين التقاطها ولا يؤخر ذلك .

فإن عرفها فلم يأت صاحبها = جاز له الانتفاع بها .

وإن لم يعرفها من حين التقطها، فعليه التوبة والبحث عن صاحبها .

فإن أيس من أن يجده : تصدق بها عنه .

وإن كان محتاجا فقيرا : جاز له الأخذ منها ، بعد أن يتوب ، كما قال به جماعة من أهل العلم.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب