الاثنين 17 جمادى الأولى 1446 - 18 نوفمبر 2024
العربية

يشك أن عائلته لعنت من قبل شخص ما لانتشار الشلل الوراثي فيها ولا علاج له

272839

تاريخ النشر : 14-08-2017

المشاهدات : 5206

السؤال

ما يهمني هو ما إذا كانت اللعنات قابلة للعلاج وكيف؟ يقال : إن عائلتي لُعِنَت من قِبَلِ شخصٍ ، وأنا لا أعرف من ، هناك تاريخٌ من الشلل الذي هو وراثةٌ لكن لا يمكن علاجه ، والأطباء أيضاً لم تكن لديهم القدرة على المساعدة ، قيل لي عن حادثةٍ ذهب فيها أحد أفراد العائلة إلى إمامٍ على أمل المساعدة لكنّه أصيب بحادثٍ في الطريق ، حتى الآن، فقدتُّ اثنين من أفراد عائلتي بسبب هذا الشلل ، وحالياً يعاني ثلاثة أو أربعة أعضاءٍ آخرين.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نسأل الله تعالى أن يشفي مرضاكم، ويرفع البلاء عنكم.

والأمراض الوراثية متنوعة، وتصيب من شاء الله من الناس، ويشرع التداوي منها والبحث عن علاجها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ ) رواه أحمد ( 17726) وأصحاب السنن وأبو داود (3855) والترمذي (2038) وابن ماجه (3436) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وإذا لم تجدي الشفاء في مدينتك، فقد تجدينه في مدينة أخرى.

ثانيا:

لعن المسلم المعين لا يجوز وهو من كبائر الذنوب، ومن لعن مسلما لا يستحق اللعن رجع عليه.

روى البخاري (6047) ومسلم (110) عن ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ).

وروى أبو داود (4095) عن أبي الدَّرْدَاءِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا ؛ وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.

واللعن: الطرد من رحمة الله، فهو دعاء من الشخص على غيره بذلك ، ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم كقتله.

وعلى فرض أن رجلا لعن أحد عائلتك بالفعل ، وعلى فرض أنه قد استجيب دعاؤه، وهذه كلها ظنون ووساوس لا يمكن التحقق منها ، لكن على فرض صحة ذلك كله ؛ فلا يمكن الجزم بأن هذا المرض أو توارثه ، هو بسبب اللعن، بل قد يكون بلاء وتكفيرا وتمحيصا من الله .

فنصيحتنا : الاجتهاد في البحث عن العلاج، مع الإكثار من دعاء الله تعالى والتضرع إليه، والتوبة من سائر الذنوب التي هي من أعظم أسباب البلاء.

كما نوصيكم بالرقية الشرعية، فإنها نافعة من الإصابة بالعين والمس والسحر ، ومن الأمراض البدنية والنفسية.

يقول الشيخ ناصر العقل حفظه الله :

" الرقية المشروعة علاج بإذن الله عز وجل من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ، أمراض القلوب سواء كانت نفسية أو غيرها ، كضيق الصدر والقلق والخوف والاضطراب وقسوة القلوب ، وغير ذلك مما يعتري البشر ، خاصة إذا كثرت أسباب قسوة القلوب ، وأكثر ما يحتاج الناس في الرقية اليوم ، وفي عصرنا وفي وقتنا هذا ، في علاج أمراض القلوب = الأمراض النفسية ، وهي داخلة ضمن أمراض القلوب .

أما أمراض الأبدان ، الأمراض العضوية ، فلا شك أن القرآن والأدعية المشروعة سبب بإذن الله عز وجل من أسباب العلاج لكثير من الأمراض العضوية ، بل عامة الأمراض التي يتناولها الطب ويعالجها أيضاً : ممكن علاجها بالقرآن ، فما دام المرض يحتمل أن يعالج ، فإن الاستشفاء بالرقية على الوجه الشرعي : يكون من أسباب علاج المرض بإذن الله ، سواء كان نفسياً قلبياً أو عضوياً .

والرقية لا تتنافى - مع بذل الأسباب الأخرى - لا تتنافى مع مراجعة الأطباء ، بل الرقية لا تتنافى مع طلب العلاج عند الطبيب النفسي ، بل هذا خير على خير ، سبب معنوي وسبب مادي ، بعض الناس يظن أنه إذا ذهب للراقي يقطع الدواء ، ولا يعالج في عيادة نفسية ، وهذا وهم ولا أصل له ، لا شرعاً ولا عرفاً ، ولا أيضاً عند المجربين الذين يأخذون بالقواعد الشرعية .

لكني أسمع من بعض المختصين بالرقية كلاما ، في الحقيقة هو محل نظر ، يقولون : إن بعض الأدوية النفسية تخفف أثر الرقية على المريض ، بل بعضهم يدعي أنه أحياناً ينعكس أثر الرقية على المريض، إذا كان يمارس علاجاً نفسياً .

هذا نادر ، والنادر لا حكم له ، فلا أسلم لهم بأن هذه قاعدة عامة ، بل يجب أن نبعدها من أن تكون قاعدة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( تداووا عباد الله ) ، فلا يمكن أن العلاج بالقرآن والأدعية يتنافى مع العلاجات الطبيعية ، والله عز وجل شرع هذا وشرع هذا .

وهذه ربما من عبث الجن والشياطين بالناس؛ لأن بعض الذين يعالجون يقول: كأن الجني يقول: أبعدوا عني هذا الدواء ، المريض هذا يأخذ علاجاً نفسياً أرهقني وآذاني !!

نقول : آذاك ؛ لأنك آذيت المسلم ، ولماذا تجعلون هذا السبب في حرمان الناس من الأدوية ؟

كثير من الأمراض علاجها عند الطب النفسي ، مع الرقية ، كثير من الأمراض التي أصابت الناس اليوم - وهي كثيرة - هي الأمراض النفسية ، وعلاجها بإذن الله عند العيادات النفسية ، مع الرقية بالقرآن." .

http://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=210919

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب