الحمد لله.
الأصل في الدية أن توزع على ورثة المجني عليه.
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: ( ... وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الْعَقْلَ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَى قَرَابَتِهِمْ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْعَصَبَةِ ) رواه أبو داود (4564)، وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابي داود" (3 / 106).
والْعَقْل: هو الديّة.
وتوزيع الدية على ورثة القتيل هو مذهب أكثر أهل العلم.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" قال مالك: إذا قبل ولاة الدم الدية فهي موروثة على كتاب الله، يرثها بنات الميت وأخواته.
قال أبو عمر: ولا أعلم في هذا خلافا بين العلماء، وهو إجماع من الصحابة والتابعين، وسائر فقهاء المسلمين، إلا طائفة من أهل الظاهر شذوا، فجعلوا الدية للعصبة خاصة، على ما كان يقوله عمر رضي الله تعالى عنه ثم انصرف عنه بما حدثه الضحاك بن سفيان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ) فقضى به عمر والخلفاء بعده.
وأفتى به العلماء أئمة الفتوى في الأمصار " انتهى. "الاستذكار" (25 / 338).
ودية الجنين كسائر الديات تقسم على ورثة الجنين، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" الغرة [دية الجنين] موروثة عن الجنين، كأنه سقط حيا؛ لأنها دية له، وبدل عنه، فيرثها ورثته، كما لو قتل بعد الولادة. وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الليث: لا تورث، بل تكون بدله لأمه؛ لأنه كعضو من أعضائها، فأشبه يدها.
ولنا، أنها دية آدمي حر، فوجب أن تكون موروثة عنه، كما لو ولدته حيا ثم مات، وقوله: إنه عضو من أعضائها. لا يصح؛ لأنه لو كان عضوا لدخل بدله في دية أمه، كيدها، ولما منع من القصاص من أمه، وإقامة الحد عليها من أجله، ولما وجبت الكفارة بقتله، ولما صح عتقه دونها، ولا عتقها دونه، ولا تصور حياته بعد موتها، ولأن كل نفس تضمن بالدية تورث، كدية الحي " انتهى. "المغني" (12 / 67).
وبناء على هذا فلكل واحد من الأب والأم الحق في الصلح على نصيبه من الدية.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (21 / 94):
" واتفقوا على أن دية النفس تسقط بعفو أو إبراء جميع الورثة المستحقين لها. وإذا عفا أو أبرأ بعضهم دون البعض يسقط حق من عفا وتبقى حصة الآخرين في مال الجاني إن كانت الجناية عمدا، وعلى العاقلة إن كانت خطأ " انتهى.
والله أعلم.
تعليق