الحمد لله.
أولا:
إذا كان جدك قد قسم أملاكه بين أولاده، فجعل المزرعة للذكور، والبيت للإناث، فهذا من باب الهبة، والواجب فيها العدل؛ لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما : أن أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ) فَقَالَ : لَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْهُ) أخرجه البخاري (2586) ، ومسلم (1623).
وفي لفظ لمسلم (1623) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ ) قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ : ( أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ).
نحلت : أي : أعطيت ، من النِّحلة ، وهي العطاء .
والعدل في الهبة: أن يعطى الذكر ضعف الأنثى.
ولا حرج لو حصل شيء من التفضيل برضى الجميع ، مع مراعاة ما شاركت به البنات في البيت.
وعليه :
فينظر أولا فيما شاركن به في تشطيب البيت، فإن كن اتفقن مع والدهن على المشاركة بذلك في ملك البيت، أو أنه مال على سبيل القرض، فيُعمل ذلك.
وإن لم يحصل اتفاق على شيء من ذلك، فالأصل أنه تبرع.
ثم ينظر في قيمة المزرعة ، وقيمة البيت عند الهبة :
فإن كان لكل بنت نصف نصيب الابن، فقد تحقق العدل.
وإن وجد تفضيل، ولم يرض البنات، وجب تعديل القسمة من الأب ، إن كان واعيا مدركا .
فإن لم يكن واعيا، لم يجز لأحد التصرف في ملكه ببيع أو غيره.
ثانيا:
إذا مات الجد ولم يعدل في هبته، وجب على الورثة أن يقوموا بذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن فضل بعض أولاده على بعض:
" والصحيح من قولي العلماء : أنه يجب عليه أن يرد ذلك في حياته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
وإن مات ولم يرده : رُدَّ بعد موته ، على أصح القولين أيضا، طاعة لله ولرسوله، واتباعا للعدل الذي أمر به، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
ولا يحل للذي فُضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به، والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى من " الفتاوى الكبرى " (4/ 184).
والله أعلم.
تعليق