الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

هل يوصف الله بأنه يفكر؟

281133

تاريخ النشر : 26-11-2017

المشاهدات : 15492

السؤال

يقول معلمنا بأن الله جل في علاه لا يفكر، ومن يحتاج إلى تفكير قبل اتخاذ القرار فهو ناقص ، أما هو جل في علاه فيقضي قضاؤه بلا تفكير ويكون هذا القضاء في أحكم الصور ، وأبدعها وأتقنها، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.

أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، فلا نثبت له شيئا من الأسماء أو الصفات إلا ما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس من أسمائه تعالى المفكر، ولا من صفاته التفكر.

قال السفاريني رحمه الله : " قال سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث . قال شيخ الإسلام ابن تيمية روَّح الله روحه : مذهب السلف أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل " انتهى من "لوامع الأنوار البهية" .

والله سبحانه موصوف بالعلم،ومن أسمائه العالم والعليم، فهو عالم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (204924).

ولا يجوز نسبة الفكر إلى الله ولو على سبيل الإخبار، وهو أوسع من باب الأسماء والصفات- لأن الفكر يتضمن ما ينزه الله عنه، من إعمال العقل، والنظر، ومقايسة الأمور .
فالفكر درجة ومرحلة من مراحل وصول العلم إلى النفس، وكل هذا شأن المخلوق الضعيف، أما الله تعالى فعالم بكل شيء، ولا يغيب عنه شيء، وعلمه لا يكون عن استحضار ، أو نظر ، كعلم المخلوق، قال تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) سبأ/3 .

قال أبو البقاء الكفوي في بيان منزلة الفكر من العلم :" وَاعْلَم أَن أول مَرَاتِب وُصُول الْعلم إِلَى النَّفس : الشُّعُور، ثمَّ الْإِدْرَاك، ثمَّ الْحِفْظ: وَهُوَ استحكام الْمَعْقُول فِي الْعقل، ثمَّ التَّذَكُّر: وَهُوَ محاولة النَّفس استرجاع مَا زَالَ من المعلومات، ثمَّ الذّكر: وَهُوَ رُجُوع الصُّورَة الْمَطْلُوبَة إِلَى الذِّهْن، ثمَّ الْفَهم: وَهُوَ التَّعَلُّق غَالِبا بِلَفْظ من مخاطبك، ثمَّ الْفِقْه: وَهُوَ الْعلم بغرض الْمُخَاطب من خطابه، ثمَّ الدِّرَايَة: وَهُوَ الْمعرفَة الْحَاصِلَة بعد تردد مُقَدمَات، ثمَّ الْيَقِين: وَهُوَ أَن تعلم الشَّيْء وَلَا تتخيل خِلَافه، ثمَّ الذِّهْن: وَهُوَ قُوَّة استعدادها لكسب الْعُلُوم غير الْحَاصِلَة، ثمَّ الْفِكر: وَهُوَ الِانْتِقَال من المطالب إِلَى المبادئ ، ورجوعها من المبادئ إِلَى المطالب، ثمَّ الحدس: وَهُوَ الَّذِي يتَمَيَّز بِهِ عمل الْفِكر، ثمَّ الذكاء: وَهُوَ قُوَّة الحدس، ثمَّ الفطنة: وَهِي التنبه للشَّيْء الَّذِي يقْصد مَعْرفَته، ثمَّ الْكيس: وَهُوَ استنباط الأنفع، ثمَّ الرَّأْي: وَهُوَ استحضار الْمُقدمَات وإجالة الخاطر فِيهَا، ثمَّ التبين: وَهُوَ علم يحصل بعد الالتباس، ثمَّ الاستبصار: وَهُوَ الْعلم بعد التَّأَمُّل، ثمَّ الْإِحَاطَة: وَهِي الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع وجوهه، ثمَّ الظَّن: وَهُوَ أَخذ طرفِي الشَّك بِصفة الرجحان، ثمَّ الْعقل: وَهُوَ جَوْهَر تدْرك بِهِ الغائبات بالوسائط والمحسوسات بِالْمُشَاهَدَةِ" انتهى من "الكليات" .

وعلم الله تعالى لا تدخله هذه المراتب.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب