الحمد لله.
أولا:
جمهور الفقهاء على أن السفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما كان أربعة برد أو ستة عشر فرسخا، وهي ما يساوي 48 ميلا، أو 80 كيلومترا تقريبا، وهذه المسافة تحسب فيما بين طرفي البلدتين، أي من نهاية عمران الأولى، إلى بداية عمران الثانية، وأما ما يقطع من المسافة داخل البلد، فلا يحسب من المسافة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 188) :" مذهب أبي عبد الله [أي الإمام أحمد] أن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخا، والفرسخ: ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلا... فعلى هذا تكون مسافة القصر يومين قاصدين. وهذا قول ابن عباس وابن عمر. وإليه ذهب مالك، والليث، والشافعي، وإسحاق" انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (27/ 270).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن السفر لا يحدد بمسافة معينة، بل المرجع في ذلك إلى العرف، فما عده الناس في العرف سفراً ، فهو السفر الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية ، كالجمع بين الصلاتين والقصر والفطر للمسافر .
قال شيخ الإسلام في "الفتاوى" (24/106) : " وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ ، وَلَمْ يَخُصَّ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ . وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ " انتهى.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (38079) .
ثانيا:
إذا تبين أن المسافة التي قطعتها بين البلدين أقل من 80 كيلو متر، فهذه ليست مسافة سفر على قول الجمهور، ولا يجوز لك القصر فيها، ولا في البلد الذي تذهب إليه.
وهل تلزمك إعادة ما صليت قصرا؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء.
أما من لا يحد السفر بالمسافة، وإنما يعتبر العرف، فالأمر ظاهر، فحيث كان العرف أن انتقالك بين البلدتين يعد سفرا، فقصرك وجمعك صحيح.
وأما على مذهب الجمهور، فإن المالكية منهم لا يلزمون بالإعادة إذا بلغت المسافة 40 ميلا.
وعلى مذهب الشافعية والحنابلة، تلزمك الإعادة، لا سيما أن الشافعية يرون أن هذه المسافة للتحديد لا للتقريب، فيضر النقص اليسير عنها.
قال في "الفواكه الدواني" (1/ 253): " ومفهوم أربعة برد : أن من سافر أقل منها لا يسن في حقه القصر، وليس على إطلاقه ، بل في مفهومه تفصيل ، محصله : أن نحو المكي والمنوي والمزدلفي : يسن في حقهم قصر الصلاة في حال خروجهم لعرفة للنسك فقط ، ورجوعهم منها، وأما غير هؤلاء فلا يسن في حقهم القصر في أقل من أربعة برد، ولكن إن قصر في خمسة وثلاثين ميلا فأقل ، لم تصح صلاته وتعاد أبدا، وإن قصر في أربعين ميلا ، فصحيحة ولا تعاد ولا في الوقت، وإذا قصر فيما بين الأربعين والخمسة وثلاثين ففي إعادته في الوقت وعدمها قولان . هكذا فصل ابن رشد.
وفي التوضيح: أن من قصر في ستة وثلاثين : يعيد أبدا ، ولعله طريقة لغير ابن رشد ، وتفصيل ابن رشد في الصلاة، وأما في الفطر في رمضان فلا يجوز إلا لمن سافر أربعة برد.
قال العلامة الأجهوري: ولعل الفرق : مشقة الصلاة بتكررها بخلاف الصوم" انتهى.
والأحوط أن تعيد هذه الصلوات، فتعيد الصلوات الرباعية التي قصرتها خلال اليومين من كل سنة، وهي صلوات قليلة لا مشقة في إعادتها.
فإن لم تعدها فلا حرج عليك ، مراعاة للخلاف المذكور ، ولوجود شبهة السفر.
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (60358)، ورقم : (105844)، ورقم: (38079) .
والله أعلم.
تعليق