الحمد لله.
أولا:
الربا محرم في الإسلام تحريما بينا، ومعلوم قبحه عند ذوي الفطر السليمة من غير المسلمين، لما فيه من الظلم والضرر، وهو أضر ما يكون على الاقتصاد لما فيه من تعطيل المال، والتسبب في البطالة، والتضخم وغلاء الأسعار.
وذلك أن الربا يعمل على توليد النقود نتيجة توالي الإقراض، مما يعني مضاعفة المعروض النقدي مضاعفة لا يقابلها مضاعفة في السلع والخدمات، وهذا يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية والغلاء العام.
والتاجر إذا اقترض بالربا، زاد في ثمن السلعة ليحقق الربح والفائدة الربوية التي يدفعها.
فالبنك الربوي يجبر التجار على رفع أسعار السلع والخدمات، ويعطل الأموال بإبقائها دون استثمار، ويدعو للبطالة بالاعتماد على أخذ الفوائد دون تنمية للمال، إلى غير ذلك من المفاسد الاقتصادية المعلومة.
والبنك يمكنه أن يجني الأرباح بطرق مشروعة كثيرة منها: المضاربة، والاستصناع، والمرابحة، والشركة، والإجارة وغير ذلك من العقود المشروعة، وهذا ما تقوم به البنوك الإسلامية التي سمح بإنشائها في بعض الدول.
ومثال المضاربة: أن يأخذ البنك الأموال من العملاء ليتاجر فيها في سلع مباحة، على أن يكون له 40% مثلا من الربح، والباقي للعملاء.
ومثال الاستصناع: أن يتفق البنك مع العميل الذي يريد بناء بيت، على أن يبينه البنك ، ويبيعه له، ويربح من ذلك.
ومثال المرابحة: أن يشتري البنك السلعة التي يريدها العميل، ويقبضها، ثم يبيعها بالتقسيط على العميل بثمن أعلى.
وقد يشارك العميل في تملك منزل، ثم يبيعانه على طرف آخر، أو يبيع حصته على العميل بعد مدة.
وهكذا يمكن أن يربح البنك مع العمل وإقامة المشاريع، وإتاحة فرص العمل لكثير من الناس في هذه المشاريع، مع البعد عن الإثم.
ثانيا:
البطاقة الائتمانية إذا كانت مغطاة فلا حرج فيها؛ لأن العميل إنما يسحب من ماله.
وإذا كانت غير مغطاة، فما يأخذه من البنك، زيادةً على رصيده: يعتبر قرضا، فيشترط هنا ألا يأخذ البنك فائدة على القرض؛ لأن ذلك ربا، ولا يجوز للبنك أن يأخذ أكثر من الرسوم الفعلية التي يتكلفها في إصدار البطاقة، وما زاد على ذلك فربا، سواء كان في رسوم الإصدار أو التجديد أو السحب. وانظر: جواب السؤال رقم: (97530).
فإن كانت البطاقة التي يتعامل بها والدك محرمة، فالواجب نصحه بالحسنى، وبيان تحريم الربا وخطره، وأن الله جل جلاله آذن بالحرب على فاعله، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278 – 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: “لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ).
والنظام المالي العالمي يقوم على الربا، لكن هذا لم يمنع من إقامة مؤسسات إسلامية كثيرة، كما لم يمنع الصالحين من التمسك بدينهم، والبعد عن الربا والبحث عن الوسائل المشروعة لتنمية أموالهم.
ثالثا:
إذا اقترض الأب بالربا، فالإثم عليه، والمال الذي يأخذه يصير ملكا له، ولا حرج على أولاده في الانتفاع به، لكن ينبغي أن لا يترك الأب ليقع في هذا الإثم، بل يُنصح ويُعان، ويُبحث معه عن الوسائل المباحة لتحصيل الكسب، وهذا من البر به والإحسان إليه.
ونسأل الله تعالى أن يجعلك بارا بوالديك، وأن يرزقك علما نافعا وعملا صالحا.
والله أعلم.
تعليق