الحمد لله.
أولا :
يجب على الأب أن ينفق على زوجته وأولاده الصغار أو الكبار الذين لا كسب لهم ؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا البقرة: 233 .
فيجب عليه أن يؤدي ما وجب عليه ، ولا يحل لأحد أن يأخذ من ماله بغير إذنه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا رواه البخاري (1739)، واللفظ له، ومسلم (1679).
وقال: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
ثانيا :
المرأة إذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، أو انتقلت برغبتها لبيت أهلها، وتركت بيت زوجها: سقطت نفقتها، ولم يجب لها في ماله نفقة الأيام التي تركت فيها بيتها.
وما ذكرت من النزاع والخصومة بينك وبين زوجك: هو نوع من التهمة في حكمك عليه، وتصرفك في ماله؛ فليس لك أن تتصرفي في هذه الأمانة بمفردك، لمكان التهمة المذكورة، ولأن الخصومة بينكما قد تدعوك إلى التوسع في ماله والتصرف فيه بغير حق.
والحل هنا:
أن يتوسط بعض العقلاء الناصحين من الطرفين، ويتولوا بأنفسهم معرفة حال الأبناء، وما يحتاجه الابن المريض من الرعاية والنفقة، ويفرضوها في مال الزوج بالمعروف، ويأخذوها منه.
فإن قدروا على ذلك، فبها ونعمت، وعليك أن تردي الأمانة لزوجك، ولا تتصرفي في شيء من ماله.
وإن أبى، وقد ثبتت حاجة الابن للدواء، أو العملية الطبية، ولم يمكن إلزامه بتحملها، جاز لك أن تأخذي من ماله ما يكفي لهذه الحاجة.
والأحسن أن يتولى ذلك الأمناء الذين توسطوا بينكما، ويقومون هم على الإنفاق من مال الزوج الذي في يدك، دفعا للتهمة، ومنعا للنزاع بينكما بعد ذلك.
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ رواه البخاري (5364).
قال ابن بطال رحمه الله :
"في هذا الحديث من الفقه: أنه يجوز للإنسان أن يأخذ من مال من منعه من حقه أو ظلمه بقدر ماله عنده، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لهند ما أخذت من مال زوجها بالمعروف" انتهى من "شرح البخاري" (7/542) .
وقال الشافعي :
"وإذا كانت هِنْدٌ زَوْجَةً لِأَبِي سُفْيَانَ ، وَكَانَتْ الْقَيِّمَ على وَلَدِهَا لِصِغَرِهِمْ ، بِأَمْرِ زَوْجِهَا ؛ فَأَذِنَ لها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ تَأْخُذَ من مَالِ أبي سُفْيَانَ ما يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ .
فَمِثْلُهَا : الرَّجُلُ يَكُونُ له على الرَّجُلِ الْحَقُّ بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان ، فَيَمْنَعُهُ إيَّاهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ من مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ ، سِرًّا وَعَلَانِيَةً ، وَكَذَلِكَ حَقُّ وَلَدِهِ الصِّغَارِ" انتهى من "الأم" (5/100) .
وينظر جواب السؤال (150250) .
والله أعلم .
تعليق