الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

جواز أن تكون نسبة الشركاء في الربح متفاوتة مع تساوي حصصهم في رأس المال

287607

تاريخ النشر : 20-05-2018

المشاهدات : 8920

السؤال

للاشتراك مع مجموعة من الأشخاص في جمع الأموال بغرض شراء مأكولات للمقاصف المدرسية ، ثم بيعها ، وفي نهاية السنة الدراسية يأخذ كل واحد من شارك بمبلغ مالي ربحا بمبلغ أكثر من الذي دفعه ، فالاشتراك مثلاً إذا دفع 35000 يكون حصيلة ربحة من هذه العملية 40000 ريال ، ويكون الربح بهذه الطريقة سنويا ، ولا يدفع إلا في السنة الأولى المبلغ المالي الذي إشترك به ، أو السهم الذي ساهم به في هذه العملية ، فما هذه حكم المعاملة ، هل هي جائزة شرعاً أم محرمة ؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج أن يشترك اثنان أو أكثر بأموالهم وأبدانهم، أو بمال من البعض وعمل من الآخرين، للاتجار في أشياء مباحة .

على أن يكون لكل منهم نسبة معلومة من الربح، كأن يقسم الربح بينهم بالتساوي أثلاثا أو أرباعا، أو يأخذ أحدهم 20% ويأخذ الثاني 30% ويأخذ الثالث 50% .

أو حسبما يتفقون عليه ؛ سواء تساوت أموالهم، أو تفاوتت، وذلك أن أحدهم قد يكون أمهر بالتجارة، أو أكثر نشاطا وعملا.

قال ابن قدامة رحمه الله: "شركة العِنان. ومعناها: أن يشترك رجلان بماليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما، والربح بينهما. وهي جائزة بالإجماع. ذكره ابن المنذر .

وإنما اختُلف في بعض شروطها، واختلف في علة تسميتها شركة العنان، فقيل: سميت بذلك لأنهما يتساويان في المال والتصرف، كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما، وتساويا في السير، فإن عِنانيهما يكونان سواء" انتهى من "المغني" (5/ 12).

وقال في (5/ 15): " ولا يشترط تساوي المالين في القدر. وبه قال الحسن، والشعبي، والنخعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

وقال بعض أصحاب الشافعي: يشترط ذلك.

ولنا : أنهما مالان من جنس الأثمان، فجاز عقد الشركة عليهما، كما لو تساويا" انتهى.

وقال ابن مفلح رحمه الله في " الفروع " ( 4 / 404 ) : " وربح كل شركة : على ما شرطا ؛ ولو تفاضلا، ومالهما سواء, نص عليه" انتهى .

والمحذور هنا أمران:

الأول: ضمان رأس المال. وهذا مفسد للشركة. بل كل شريك معرض للربح والخسارة.

الثاني: جعل الربح نسبة من رأس المال، كأن يقال: له 30% من رأس ماله.

والصحيح أن يكون له 30% من الربح الذي سيأتي، قليلا كان أو كثيرا.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 146): "مَتَى جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ جَعَلَ مَعَ نَصِيبِهِ دَرَاهِمَ ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشْرَةَ دَرَاهِمَ : بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مِنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ الْقِرَاضِ (يعني المضاربة) إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا ، أَوْ كِلاهُمَا ، لِنَفْسِهِ ، دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً.

وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ : مَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ" انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " لَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً ، فَإِنَّ هَذَا لا يَجُوزُ بِالاتِّفَاقِ; لأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ، وَهَذِهِ الْمُعَامَلاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ; وَالْمُشَارَكَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ ، كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ .

فَإِذَا جُعِلَ لأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ : لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَدْلا ; بَلْ كَانَ ظُلْمًا " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/ 83).

ويجوز في نهاية السنة، أن توزع الأرباح فحسب، وأن يدّخر رأس المال للدخول به في نفس التجارة في العام الذي بعده، وهكذا ، متى اتفق على ذلك الشركاء .

ولعل هذا هو مرادك بقولك: " ولا يدفع إلا في السنة الأولى المبلغ المالي الذي اشترك به ، أو السهم الذي ساهم به في هذه العملية".

والحاصل :

أن هذه المعاملة : إذا كان من شروطها ضمان رأس المال ، بمعنى أن المساهم سيسترد رأس ماله في نهاية السنة الأولى ، بقطع النظر عن كون الشركة ربحت أم خسرت : فهذه المعاملة تكون محرمة .

وكذلك تكون محرمة : إذا كان الربح نسبةً من رأس مال المشارك .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب