الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

التفريق في العطية لسبب .

288457

تاريخ النشر : 21-02-2019

المشاهدات : 8890

السؤال

ما حكم إعطاء هدية أو جائزة لبعض الأبناء دون الآخر لأنه قد حفظ سُوَر من القرآن واجتهد والآخر لم يجتهد فهل هذا من التفريق؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يجب التسوية  بين الأولاد في العطية إلا إذا وجد مسوغ شرعي للتفضيل على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني " (8/258) :

" فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ لِمَعْنًى يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ، مِثْلَ اخْتِصَاصِهِ بِحَاجَةٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ عَمَى، أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ، أَوْ اشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْفَضَائِلِ، أَوْ صَرَفَ عَطِيَّتَهُ عَنْ بَعْضِ وَلَدِهِ لِفِسْقِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ يَسْتَعِينُ بِمَا يَأْخُذُهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَوْ يُنْفِقُهُ فِيهَا:

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِالْوَقْفِ: لَا بَأْسَ بِهِ ، إذَا كَانَ لَحَاجَةٍ، وَأَكْرَهُهُ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْأَثَرَةِ. وَالْعَطِيَّةُ فِي مَعْنَاهُ " انتهى .

وللفائدة ينظر جواب سؤال رقم : (22169).

وقال الشيخ أبو الفيصل البدراني في "المسلم وحقوق الآخرين" (58) :

" فلا يجوز تفضيل بعض الأبناء على بعض في الهبة والعطية دون سبب شرعي .

وضابط التفضيل المحرم بين الأولاد: هو كل تفضيل من غير حاجة ولا مسوغ معتبر ، يورث البغضاء والشحناء والتنافر في قلوب الإخوان، ويُذكي العداوات بين الأولاد " انتهى.

ثانيا :

لا شك أن تحفيز بعض الأبناء على الدراسة ، أو التفوق، أو حفظ القرآن ، أو نحو ذلك : هو من المعاني المعتبرة ، والمقاصد المشروعة الصالحة ؛ فإذا كافأ الوالد ولده المحسن في ذلك ، أو المُجِد المجتهد : فلا بأس به ؛ لأن ذلك ليس تفضيلا محضا ، وإنما هو تفضيل لمعنى معتبر ، ظاهر للأبناء .

وإنما الممنوع من ذلك : أن يجتهد أكثر من واحد من أبنائه ، أو ينجح ، أو نحو ذلك : فيعطي بعضهم دون بعض .

وإذا كان عنده غير واحد من الأولاد ، ممن يحفظ ، أو يطلب العلم : فلا ينبغي له أن يكافئ بعضهم دون بعض، لأن هذا مدعاة إلى تكاسل من لم يكافئه ، وإهماله لشأنه ، لا سيما إن نجحوا جميعا ، أو بذلوا ما عندهم ؛ فلا شك أن هذا منعه ظاهر.

فالمكافأة إذا كانت للتشجيع على الحفظ أو طلب العلم : فهذا مقصد معتبر ، يشرع التفضيل لأجله.

لكن ليس له أن يخص بعض ولده ، دون بعض ، إن اجتهدوا، أو حفظوا جميعا .

فإن تفاوتوا في الحفظ ، فكان بعضهم أسرع حفظا ، أو أكثر محفوظا من بعض: فلا يعطي الأفضل منهم ، ويدع الآخر بالكلية، فإن كثيرا من هذا التفاوت لا يكون مرجعه إلى الجد والإهمال ، بل يكون لتفاوت الملكات ، والقدرات ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . فإن رأى أن الأقل حظا منهم ، بذل مجهوده ، فليس له أن يمنعه المكافأة ، والعطية .

وفي هذه الحالة إن أعطى الأكثر حفظا ، أو الأعلى درجة ، أكثر ممن هو دونه : فهذا محل نظر ، وتردد .

ولو سوى بينهم لكان أحسن ، وأبرأ لذمته على كل حال ، ما دام ذلك لا يترتب عليه مفسدة الإهمال ، ولا التضييع .

ثالثا:

إذا لم يكن عند بعض الأبناء ملكة الحفظ، أو التفوق الدراسي، أو نحو ذلك ؛ فينبغي العناية به ، وتنمية مواهبه وملكاته في الباب الذي يحسنه ، ويظهر صلاحه له ، ثم تشجعيه، وتحفيزه فيه ، ومكافأته على الإحسان في هذا الجانب ، وبذل ما يطلب منه فيه .

جاء في كتاب "تربية الأبناء، مشكلات وحلول" :

" بعض الآباء يختار محورا واحدا من حياة أطفاله، قد يكون التفوق الدراسي مثلا ، ويغدق على صاحبه بالمدح والتشجيع، ويترك الأطفال الآخرين، إذا لم يكن لهم في هذا المضمار باع ، فسوف يعانون من الإحساس بالدونية، والإهانة، ومن ثم الغيرة من أخيهم هذا، الذي حصل على كل المدح والتشجيع!!

والآباء يرون هذا شيئا طبيعيا، بل ومحفزا للآخرين للسير على هذا نهج هذا الابن المحظوظ .

ولا يدركون اختلاف قدرات الأطفال، وأنهم ربما لا يمكن أن يكونوا متفوقين دراسيا، مثلا ، وتراهم يسألون بسذاجة : هل نكافئ الجميع ، المُجدّ ، وغير المجد ؟ وكأن التفوق والاجتهاد في الدراسة فقط ، هما سبيل المكافأة !!

المطلوب من الآباء : توسيع دائرة التشجيع، لتشمل كل الأنشطة الرياضية، والثقافية، والاجتماعية، والمنزلية، وغيرها، بحيث يجد كل طفل ما يتميز فيه، ويجد الآباء ما يشجعون به الجميع، فيتساوى الجميع في التشجيع، فهذا يتفوق دراسيا، وذاك رياضيا، والآخر في أعمال البيت، وهكذا...

وبالتالي: يكون لكل طفل مكانته التي يعتز بها ، ويفخر بها ، فلماذا يغار من أخيه ؟" انتهى. من كتاب "تربية الأبناء: مشكلات وحلول" ، شمس الدين عرفات الفقي (425) .

وعليه ؛ فلا حرج في تخصيص الابن المجتهد في حفظ القرآن وغيره بالهدية، أو الجائزة تشجيعا له , والنصيحة  للوالد أن يقول لأبنائه : من يفعل كذا فله من العطايا كذا وكذا , ثم يعطي المجتهد ، فهذا أبعد له عن تهمة تفضيل بعض الأولاد على بعض .

وينظر لمزيد الفائدة : https://almunajjid.com/8208

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب