الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

قصة عقد عائشة الذي انقطع، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم على طلبه والتماسه.

289025

تاريخ النشر : 08-07-2018

المشاهدات : 119884

السؤال

ما صحة هذا القول في رسولنا صلى الله عليه وسلم وزوجته عائشة رضي اللّه عنها : " يُحكى أن امرأة انقطع طوقها الذي تحبه ، فسهر زوجها طوال الليل يلملم حباته كي لا تحزن " علمًا بأنني بحثتُ كثيرًا عنه ، و لم أجد له حديثًا ، فأتمنى أن تفيدوني، وللعلم فقد انتشر هذا في مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة ، وخفت أن يكون مكذوبًا ، فإن كان هذا القول خاطئًا ، ولا أصل له ، فكيف ننكر عليهم هذا القول؟ وكيف نمنع الأقوال الخاطئة من الانتشار ، حتى لو لم تكن هذه المقولة خاطئة ؟ علمًا بأن من ينشرونها غالبًا يكونون ممن لهم متابعون كثيرون، ولا يستمعون حتى لمن ينصحهم ، وهل نأثم إن تجاوزنا هذه المنشوراتِ دون تنبيههم على أنها مكذوبة ؟

ملخص الجواب

هذا الكلام المنشور عبر مواقع التواصل من التحريف والكذب، والواجب إنكاره، وبيان الحق والصواب.

الجواب

الحمد لله.

انتشرت عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي هذه العبارة:

" يُحكى أن هناك امرأة انقطع طوقها الذي تحبه، فسهر زوجها طول الليل يلُم في حبّاته كي لا تحزن، إنه محمد صلى الله عليه وسلم ".

وهذا الكلام : تحريف للحديث ، ولهذه الواقعة الثابتة عن وجهها ، وفيه ما فيه من عدم الملاءمة ، والإخلال بجانب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والصحيح في هذا : ما رواه البخاري (334) ، ومسلم (367) عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ (موضعان بين مكة والمدينة) انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا " .

فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ.

وفي رواية للبخاري (3773) ، ومسلم (367) أيضا، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "  أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً " .

فهذا عقد كان لعائشة رضي الله عنها، كانت تلبسه في سفرة من أسفارها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقطع وسقط من عنقها، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وبعث ناسا من أصحابه في طلبه، ثم وجدوه تحت البعير الذي كانت عليه رضي الله عنها.

ولم يكن مع الناس ماء، واحتاجوا إلى الماء للوضوء والطهارة، فأنزل الله تعالى الرخصة بالتيمم، وكان هذا من بركة عائشة رضي الله عنها.

وينظر: "فتح الباري" (1/ 433)

والعجب من هؤلاء الذي يذيعون في الناس مثل هذه الرسائل ؛ يترك أحدهم ما في القصة من الأحكام الشرعية ، والفوائد التربوية ، وما في الحديث من فضل أم المؤمنين وبركتها على المسلمين، وما استخلصه العلماء من الفوائد والأحكام التي هي حقيقة بالنشر والإذاعة والتعليم ؛ ثم هو يسوق القصة على نحو آخر درامي ، للخروج بصورة يرسمها هو للحديث ، ويرسم ما يريد أن يضعها فيه ؛ لجذب انتباه الناس إليهم .

وينبغي على من علم بهذا التحريف والكذب أن ينكره، ويعرف قائله بما وقع فيه من الغلط والتحريف . فإن قبل منه ؛ وإلا ، فقد أدى ما عليه ، وبرئت ذمته .

ومنع مثل هذه الأقوال الفاسدة من الانتشار يكون بنشر العلم الصحيح وتعليمه للناس، وحث الناس على طلب العلم وسؤال العلماء، وتحذيرهم من الأخذ بكل ما ينشر دون نظر وسؤال، وتعليمهم التوثق من المعلومة قبل العمل بها أو نشرها.

وينظر للفائدة السؤال رقم : (34725) .

والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب