الحمد لله.
أولا:
حكم أخذ الإجرة على ضراب الفحل
يحرم أخذ الأجرة على ضراب الفحل أو عسْب الفحل ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، سواء اشترط حمل البهيمة، أو لم يُشترط، لعموم النهي، ووجود العلة في الحالتين .
روى البخاري (2284) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ".
وروى مسلم (1565) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ".
وينظر: جواب السؤال رقم : (150367).
ثانيا:
حكم استعمال فحل الغير بدون إذنه
لا يجوز استعمال فحل الغير إلا بإذنه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَ، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
وقوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
ولهذا أجاز الفقهاء أن يدفع الأجرة إذا لم يجد من يعطيه مجانا، ولم يقولوا: يحتال لأخذه أو يأخذه بغير إذن صاحبه.
قال في "كشاف القناع" (3/ 563): "(ولا يجوز استئجار الفحل للضراب) لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل متفق عليه .
والعسب : إعطاء الكراء على الضراب، على أحد التفاسير.
ولأن المقصود الماء، وهو محرم لا قيمة له، فلم يجز أخذ العوض عنه، كالميتة .
(فإن احتاج) إنسان (إلى ذلك ، ولم يجد من يُطْرِق له) دابته مجانا: (جاز له) -أي لرب الدابة- (أن يبذل الكراء) ؛ لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها، فجاز ، (كشراء الأسير، ورشوة الظالم ليدفع ظلمه.
ويحرم على المطرِق) - وهو رب الفحل - : (أخذه) ؛ أي العوض ، للنهي السابق .
(وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط ، فأهديت له هدية، أو أكرم بكرامة لذلك: فلا بأس) ؛ لأنه فعل معروفا ، فجازت مجازاته عليه ...
قال الشيخ تقي الدين: فلو أنزاه على فرسه، فنقص : ضمن النقص، قاله في المبدع" انتهى. أي أنزاه بغير إذنه كما سيأتي.
ثالثا:
حكم من استعمل فحل غيره في تلقيح بهيمة بغير إذنه
من أخذ فحل غيره، وأنزاه على بهيمة له بغير إذن صاحبه، فهو ظالم لصاحب الفحل؛ لكن نتاج دابته له .
فإن أدى ذلك إلى نقص في الفحل: ضمنه، وإذا لم يؤد إلى نقص فيه، فلا شيء عليه غير التوبة من الاعتداء على حق غيره.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "عن رجل له بهائم حلال وأنزى عليها فحل حرام. فهل في نتاجهم شبهة؟
فأجاب: إذا أنزى على بهائمه فحل غيره : فالنتاج له.
ولكن إذا كان ظالما في الإنزاء، بحيث يضر بالفحل المنزى: فعليه ضمان ما نقص لصاحبه، فإن لم يعرف صاحبه تصدق بقيمة نقصه.
وأما إن كان لا يضره: فلا قيمة له؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 320).
وعليه:
فإن كان فحلك قد تضرر ، فلك التعويض عن ذلك بما يقدره أهل الخبرة.
وإذا كان لم يتضرر فلا شيء لك، وعليهم التوبة.
والله أعلم.
تعليق