الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

هل يثبت الأشاعرة سبع صفات أم عشرين صفة؟

290347

تاريخ النشر : 05-09-2018

المشاهدات : 108943

السؤال

لدي سؤال في العقيدة والمتمثل في حيرة ، حيث إنني كثيرا ما أقرأ في بعض المواقع لبعض الفضلاء ومنها موقعكم الفاضل فيما يخص العقيدة الأشعرية ، أنهم يثبتون 7 سبع صفات فقط ، بينما الذي قرأته في صغري أنها أكثر من ذلك ، ولله الوجود ، والقدم ، والبقاء ، ومخالفته تعالى للحوادث ، وقيامه تعالى بنفسه ، والوحدانية ، والقدرة ، والإرادة ، والعلم ، والحياة ، والسمع ، والبصر ، والكلام . ومن الكتب التي درسناها في هذا الشأن ومنها استقينا هذه الصفات التي هي أكثر من سبع : " أسهل المسالك على مذهب مالك" ، وأيضا "متن ابن عاشر المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" . فبصرونا ما معنى أنهم لم يثبتوا إلا سبع صفات ؟ أم أن القصد هو الصفات الخبرية التي يؤلها الأشاعرة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الصفة إن أريد بها المعنى الوجودي الذي يقوم بالذات، فالأشاعرة لا يثبتون إلا سبع صفات، هي صفات المعاني، وهي: القدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والكلام، والسمع، والبصر. ولهم خلاف في البقاء والتكوين ، والقدم ، وبعضهم يذكر أيضا : الإدراك.

وإن أريد بالصفة كل ما يحكم به على الذات، ولو لم يكن معنى يقوم بها، فإن الصفات التي يثبتها الأشاعرة أكثر من ذلك ، ثلاث عشرة صفة ، أو عشرون صفة .. ؛ بناء على اختلافهم في الأحوال كما سيأتي.

وينظر: "شرح الصاوي على الجوهرة "، ص141 ، "حواشي على شرح الكبرى" (206-209) ، "التحقيق التام في علم الكلام" ، للشيخ الظواهري (93-97) .

فمن قال منهم: إن لله عشرين صفة، جعلها كالآتي:

1-الصفة النفسية: وهي الوجود.

وقد عرفوا الصفة النفسية بأنها: "صفة ثبوتية يدل الوصف بها على نفس الذات، دون معنى زائد عليها. ويقال أيضا: هي الحال الواجبة للذات ، ما دامت الذات غير معللة بعلة" انتهى من "شرح الخريدة البهية" للدرديري، مع حاشية المطيعي، ص54

وقال: "وجعل الوجود صفة نفسية : إنما يصح عند من يثبت الأحوال، فيكون صفة زائدة على الذات ، غير موجودة في نفسها ولا معدومة. وأما عند من لم يثبت الأحوال، فليس بصفة أصلا، وإنما هو عين ذات الموجود" انتهى ، ص55

ثم ذكر أن مذهب الأشعري نفي الأحوال.

2-الصفات السلبية: وهي خمسة: القدم، والبقاء، ومخالفة الحوادث، والقيام بالنفس، والوحدانية.

قال البيجوري: "وهذا شروع في الصفات السلبية: أي التي دلت على سلب ما لا يليق به سبحانه وتعالى.

وليست منحصرة على الصحيح. وعدّ المصنف منها خمسة ، لأن ما عداها من نفي الولد والصاحبة والمعين ، وغير ذلك مما لا نهاية له : راجع إليها ولو بالالتزام، فهي أمهاتها: أي أصولها المهمات منها" انتهى من "شرح البيجوري على الجوهرة"، ص54

وهذه الصفات ليست معاني زائدة على الذات، بل هي سلب ونفي لما لا يليق به تعالى. أو هي "كل صفة مدلولها عدم أمر لا يليق به سبحانه وتعالى".

ولهذا عرفوا القدم بأنه: عدم الأولية للوجود، والبقاء: عدم الآخرية للوجود، والمخالفة للحوادث: عدم مماثلته لها، والقيام بالنفس: عدم افتقاره إلى المحل، وعدم افتقاره إلى المخصص، والوحدانية: وحدة الذات والصفات، بمعنى عدم النظير فيهما. "شرح البيجوري على الجوهرة "، ص54- 59

3-صفات المعاني: وهي سبعة: القدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والكلام، والسمع، والبصر.

وصفة المعنى: "كل صفة قائمة بموصوف ، زائدة على الذات الواجبة له حكما" انتهى من "شرح الصاوي على الجوهرة "، ص166

فهذه ثلاث عشرة صفة.

ومن أثبت الأحوال- وهي أمور ليست موجودة ولا معدومة!- زاد قسما رابعا وهو:

4-الصفات المعنوية: وهي سبعة: كونه قديرا، كونه مريدا، كونه عالما الخ.

قال البيجوري: "عدُّ الصفات المعنوية : إنما يتمشى على قول مثبت الأحوال- جمع حال- وهي صفة لا موجودة ولا معدومة، بل واسطة بين الموجود والمعدوم، وعليه جرى السنوسي في الصغرى حيث قال: وكونه قديرا... الخ.

والمختار عند المحققين أنه لا حال وأن الحال محال" انتهى من "شرح الجوهرة"، ص77

وقال العلامة الأمير في "شرح نظم كفاية المريد"، ص1-9، عند قوله: "فواجب لله عشرون صفة ** بحسب ما ألّفه وصنّفه":

""فواجب لله عشرون صفة ** بحسب ما ألّفه وصنّفه" السنوسي ؛ وإلا ، فالتحقيق أن المعنوية ليست صفات زائدة على قيام المعاني، وكذا الوجود ليس صفة زائدة على الموصوف" انتهى.

والحاصل :

أن الأشاعرة لم يثبتوا من الصفات التي هي معاني وجودية تقوم بالله تعالى : إلا سبعة.

وقد أدخلوا تحت ما أثبتوه من الصفات: أمورا باطلة ، كإدخالهم تحت "المخالفة للحوادث" : نفي علو ومباينته لخلقه.

وإدخالهم تحت "الوحدانية" : نفي تأثير قدرة العبد في فعله، ونفي تأثير الأسباب في المسببات.

ثانيا:

لا يثبت الأشاعرة الصفات الخبرية كالوجه واليد والقدم، ولا الأفعال الاختيارية كالاستواء والمجيء والنزول، ونحوها ، ويتأولون ذلك أو يفوضونه.

ومنهج السلف الصالح : إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل.

فلا يحصرون الصفات في سبعة، ولا في ثلاث عشرة، ولا في عشرين، بل الصفات الثابتة لله أعظم من ذلك بكثير.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/ 170): "قد قرأت في كتاب [توضيح العقيدة المفيدة في علم التوحيد لشرح المزيدة] لسيدي أحمد الدردير ، تأليف المرحوم الشيخ حسين عبد الرحيم مكي ، الجزء الثاني مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالمعاهد الأزهرية وتصحيح موسى أحمد الطبعة الرابعة 1383 1963 م ، أن صفات الله عز وجل عشرون صفة ، في قول مذهب جماعة منهم الرازية، أما في قول آخر : فالإمام الأشعري ومن ذهب مذهبه أنها الصفات ثلاث عشرة صفة ، والمتفق عليه حسب الكتاب سبع صفات ، وهي صفات المعاني، فأفيدونا أفادكم الله بما يجب لله تعالى في صفاته ، وما عددها أهي سبعة أم ثلاث عشرة أم عشرون، وإذا كانت عشرين فما معنى كونه قادرا وكونه حيا ؟ هل هذا الكتاب صالح للعقيدة الصحيحة، لأنني داخلني شك منه، لأن صاحب المزيدة أشعري، وأريد أن أتبع وأقتدي بأهل السنة والجماعة ، لا الأشاعرة ولا غيرهم، فزودونا بكتاب يتكلم عن الصفات على مذهب أهل السنة؟

الجواب: عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال، وأنه يوصف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، على حد قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

وأما القول بأنها عشرون أو سبع أو ثلاث عشرة : فلا أصل له ؛ بل هو مخالف للكتاب والسنة والإجماع .

والكتاب الذي ذكرته لا يصلح أن تعتمد عليه ، وإليك نسخة من [العقيدة الواسطية] لشيخ الإسلام ابن تيمية، وشرح الشيخ محمد خليل الهراس، ونسخة من [التدمرية] و [الحموية] كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية، والكتب الثلاثة المذكورة قد أوضحت مذهب أهل السنة في الأسماء والصفات والرد على مخالفيهم.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب