الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

عفا أولياء الدم عن أخيه القاتل مقابل مال فهل يأثم إذا أعانه على دفع هذا المال وأنقذه من القصاص

290632

تاريخ النشر : 05-12-2018

المشاهدات : 10858

السؤال

قاتل حكم عليه بالإعدام ، وعفا عنه أولياء الدم مقابل مبلغ من المال ، وأحد اخوته مقتدر ، ويستطيع سداد هذا المبلغ ولكن هل يلحقه أي إثم في فكاكه من الإعدام ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

القتل العمد العدوان، فيه القصاص، إلا أن يعفو أولياء القتيل على مال، أو مجانا؛ لقوله تعالى:  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  البقرة/178، 179

ولقوله صلى الله عليه وسلم:  وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ  رواه البخاري (6881) ، ومسلم (1355).

وفي "الموسوعة الفقهية" (12/ 276): "القتل العمد العدوان : موجَبه القصاص، ويجب لذلك توافر شروط، أهمها: كون القاتل قد تعمد تعمدا محضا ليس فيه شبهة، وكونه مختارا، ومباشرا للقتل، وألا يكون المقتول جزء القاتل، وأن يكون معصوم الدم مطلقا. وفضلا عن ذلك يجب للقصاص: أن يطلب من ولي الدم.

فإذا اختل شرط من هذه الشروط امتنع القصاص، وفيه التعزير. وفي ذلك خلاف وتفصيل" انتهى.

ثانيا:

إذا عفا أولياء الدم عن القصاص، فذلك خير مرغب فيه، سواء عفوا إلى الدية، أو أكثر أو أقل.

ولا حرج في إعانة القاتل على هذا المال، إذا كان قد تاب إلى الله تعالى، ولم يكن في إعانته تشجيع له على الاستمرار في العدوان .

وجوز بعض أهل العلم أن يعان على ذلك من مال الزكاة.

أما من كان شأنه الفساد والعدوان ، والاستهانة بالدماء : فإنه لا يعان على ذلك .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فيمن بقي عليه بعض الدية وهو معسر: " فإن الباقي من المبلغ : دين في ذمته، ويجب إنظاره فيه إلى ميسرة؛ لقوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) إلا أنه يستحق أن يدفع له من الزكاة ما بقي بدينه، لأنه من الغارمين الذين هم أحد أصناف مصارف الزكاة" انتهى من "فتاوى الشيخ" (11/ 323).

وينظر: جواب السؤال رقم : (130491) .

ومنع من ذلك آخرون.

واشترط بعضهم لجواز إعطائه من الزكاة شروطا، ونرى أن هذه الشروط لابد منها حتى في إعانته من غير الزكاة:

"1 - ألا يكون القاتل معروفاً بالفساد، والشر، وإيذاء العباد.

2 - ظهور توبة القاتل بظهور أمارات الصلاح عليه، وشدة ندمه.

3 - ألا يكون قد تكرر منه القتل العمد، فإن تكرر منه فلا يعطى.

4 - ألا يكون له مال يفي بالصلح، فإن كان له ما يفي ببعضه ، أعطي ما يفي بالباقي فقط.

5 - ألا يكون الصلح مبالغاً فيه مبالغة تخرج به عن الحد المعقول؛ لأن من شأن صرف الزكاة في ذلك، أن يكون ذريعة للتساهل في القتل؛ اعتماداً على إغراء الأولياء بالأموال الطائلة للتنازل عن القصاص، ومن ثم أخذها من أموال الزكاة، وهذا ما لا يشك فقيه بعدم جوازه" انتهى من:

https://platform.almanhal.com/Files/2/93332

وعليه :

فينظر في حال هذا القاتل، فإن لم يكن معروفا بالإجرام، وظهرت توبته وندمه، فينبغي لأخيه أن يعينه ، ويفك رقبته.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب