الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

إذا تعارضت قاعدة "الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته" مع قاعدة "الأصل براءة الذمة" فأيهما يقدم؟

292215

تاريخ النشر : 19-11-2018

المشاهدات : 7684

السؤال

أنا طالب في جامعة إسلامية ، وأردت الاستفسار عن مسألة أشكلت علي أنا وأصحابي ، لو اعترضت قاعدتا : الحدث يضاف إلى أقرب وقته ، وقاعدة : "الأصل براءة الذمة " فأيتهما الأقوى ؟ مثاله لو أن أحدهم ارتكب كفرا لكن لا يعلم إن كان قبل أم بعد البلوغ فهل يضاف فعله إلى أقرب وقته وهو بعد البلوغ فيكون كافرا ، أم نقول : إنه ارتكبه قبل البلوغ ؛ لأن الأصل براءة الذمة ؟ وهل في ذلك خلاف بين أهل العلم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا تعارضت قاعدة "الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته" ، مع قاعدة "الأصل براءة الذمة" فإن قاعدة الأصل براءة الذمة تقدم؛ لأنها أقوى.

قال الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا رحمه الله في بيان ما يستثنى من قاعدة "الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته" :

" خرج عَن هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل: (أ) مِنْهَا: مَا لَو ادّعى الْأَجِير على الْحِفْظ ، أَن الْعين هَلَكت بعد تَمام الْمدَّة الْمَعْقُود عَلَيْهَا ، فَيسْتَحق كل الْأُجْرَة، وَقَالَ الْمُسْتَأْجر: هَلَكت قبل تَمام الْمدَّة بِكَذَا أَيَّامًا، فَالْقَوْل للْمُسْتَأْجر بِيَمِينِهِ (ر: حَاشِيَة الْحَمَوِيّ على الْأَشْبَاه والنظائر) ، وَذَلِكَ لِأَن من الْمُقَرّر الثَّابِت فرَاغ ذمَّة الْمُسْتَأْجر على الْحِفْظ من الْأُجْرَة، وَإِنَّمَا تثبت الْأُجْرَة فِي ذمَّته بِمِقْدَار الْمدَّة الَّتِي يُوجد فِيهَا الْحِفْظ من الْأَجِير فعلا، فَلَو جعل القَوْل للْأَجِير فِي حُدُوث هَلَاك الْعين بعد تَمام الْمدَّة، بِنَاء على إِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب أوقاته ، يلْزم مِنْهُ نقض الْأَمر الثَّابِت المتقرر، وَهُوَ فرَاغ ذمَّة الْمُسْتَأْجر، لِأَنَّهُ لم يثبت بالمقدار الزَّائِد الَّذِي يَدعِيهِ الْأَجِير .

وَإِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب أوقاته : إِنَّمَا تعْتَبر ، إِذا لم يؤد اعْتِبَارهَا إِلَى نقض مَا هُوَ ثَابت، كَمَا قدمْنَاهُ عَن الْفَتَاوَى الْوَلوالجِيَّة، فَكَانَ القَوْل قَول الْمُسْتَأْجر.

وَلِأَن إِضَافَة الْحَادِث، وَهُوَ الْهَلَاك هُنَا، إِلَى أقرب الْأَوْقَات ، من قبيل الظَّاهِر، وَالظَّاهِر لَا يَكْفِي حجَّة للاستحقاق (ر: حَاشِيَة الْحَمَوِيّ على الْأَشْبَاه والنظائر، من الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة، نقلا عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ) ...".

إلى أن قال:

"وَيظْهر من هَذِه الْفُرُوع : أَن قَاعِدَة " إِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب أوقاته " إِذا تَعَارَضَت مَعَ قَاعِدَة " الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة " أَو "الأَصْل بَقَاء مَا كَانَ على مَا كَان " : تتْرك "إِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب أوقاته" ، وَيعْمل بِهَاتَيْنِ القاعدتين دونهَا، لِأَنَّهُمَا أقوى" انتهى من "شرح القواعد الفقهية"، ص128

وينظر: "القواعد الفقهية وتطبيقاتها"، د. محمد مصطفى الزحيلي (1/ 151).

ثانيا:

ينبغي أن يعلم أن الفقهاء مختلفون في ردة الصبي، وكثير منهم يرى صحتها، لكن يقول: لا يقتل إلا بعد البلوغ، أي إذا أصر ولم يرجع.

وفي "الموسوعة الفقهية" (22/ 181): " ردة الصبي لا تعتبر عند أبي يوسف والشافعي، وهو رواية عند أبي حنيفة على مقتضى القياس، وقول لأحمد.

وقال أبو حنيفة في الرواية الأخرى ومحمد: يحكم بردة الصبي استحسانا ، وهو مذهب المالكية والمشهور عن أحمد.

ذهب القائلون بوقوع ردة الصبي إلى أنه لا يقتل قبل بلوغه" انتهى.

وعلى فرض أن الردة كانت بعد البلوغ جزما، فإنه إذا تاب منها وأقلع، فإنه لا يكون كافرا.

لكن تعارض القاعدتين يتصور فيما لو مات الشخص الذي عُلمت ردته، وحصل الشك فيها هل كانت قبل بلوغه ، أو بعده ؛ فمع القول بأن ردة الصبي لا تصح، فإنه يحكم ببراءة ذمته، ويعتبر مسلما، ولا يضاف الحادث إلى أقرب أوقاته.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب