الحمد لله.
من نوى جمع التقديم فصلى الظهر والعصر، ثم تبين له أنه صلاهما في وقت العصر، فصلاته صحيحة ، ولا إعادة عليه، ولا تضره نية التقديم بالنسبة لصلاة العصر، فإنها وقعت في وقتها، ولا يضره تأخير الظهر عن وقتها دون نية جمع التأخير؛ لأنه معذور في ذلك لظنه أن وقت الظهر باق، والأصل أن ينوي التأخير كما سيأتي.
بل قد نص الفقهاء على أنه لا يضره إن صلى الظهر على أنها أداء، فبانت قضاء؛ والمسألة التي معنا أسهل، فإن صلاة الظهر في وقت العصر، للمسافر: أداء، وليست قضاء، وإنما فاته نية التأخير لظنه أن وقت الأولى لم يخرج.
قال في "كشاف القناع" (1/ 315): " (ولا) تشترط نية (أداء في حاضرة) لأنه لا يختلف المذهب أنه لو صلاها ينويها أداء، فبان وقتها قد خرج : أن صلاته صحيحة وتقع قضاء، وكذلك لو نواها قضاء، فبان فعلها في وقتها وقعت أداء" انتهى.
والأصل أن من أراد جمع التأخير، لزمه أن ينوي ذلك في وقت الظهر قبل أن يضيق وقتها، حتى لا يكون مخرجا لها عن وقتها بلا عذر.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 127): " (ولا يجوز لمن لزمته) فريضة من الصلوات (تأخيرها) عن وقت الجواز (أو) تأخير (بعضها عن وقت الجواز) ...
ومحله: إذا كان (ذاكرا) للصلاة عند تأخيرها، (قادرا على فعلها)؛ بخلاف نحو، نائم لحديث أبي قتادة مرفوعا: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى رواه مسلم .
(إلا لمن له الجمع) بين صلاتين لنحو سفر أو مرض، (وينويه) أي الجمع في وقت الأولى المتسع لها، فيجوز ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ، وتكون الأولى أداء .
(أو مشتغل بشرطها) أي الصلاة (الذي يحصله) أي الشرط (قريبا) ، كمن بسترته خرق، وليس عنده غيرها، واشتغل بخياطته حتى خرج الوقت ونحوه، فلا إثم عليه، بل ذلك واجب عليه . فإن كان تحصيل الشرط بعيدا : صلى على حسب حاله، ولم يؤخر" انتهى.
وقد سئل فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
" ما حكم نية جمع التقديم أو التأخير في جمع الصلوات؟ إذ إني صليت الظهر والعصر، جمعا بنية التأخير ـ وأنا مسافر ـ ظنا مني أن صلاة العصر قد دخل وقتها، ثم علمت أن وقتها لم يدخل بعدُ، فما حكم صلاتي، وما الواجب عليَّ؟ جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم.
فأجاب:
" الحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبي بعده،
أما بعد: فإن طائفة من الفقهاء ـ وهو المشهور من مذهب الحنابلة ـ يشترطون نية الجمع تقديما وتأخيرا، فيشترطون في جمع التقديم أن ينوي الجمع عند تكبيرة الإحرام للأولى، واستمرار سبب الجمع إلى سلام الأولى. وفي جمع التأخير يشترطون نية الجمع في وقت الأولى، واستمرار السبب إلى دخول وقت الثانية، كما يشترطون في جمع التقديم ألا يفصل بينهما إلا بقدر الإقامة أو وضوء خفيف.
واختار شيخ الإسلام أنه لا تشترط نية الجمع في جمع التقديم، ولا تشترط الموالاة، قال: "وهو قول الجمهور"؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول للناس: إنا نريد الجمع.
ثم إن حقيقة الجمع هو فعل إحدى الصلاتين في وقت الأخرى، والمسافر الأصل أنه مخيَّر بين جمع التقديم وجمع التأخير، فإذا نوى جمع التأخير ثم تبيَّن أنه جمع في وقت الأولى، فقد صار جمعه جمع تقديم.
وعليه فالذي يظهر لي في سؤال الأخ السائل أن صلاته للعصر صحيحة، وأنها مجزئة له وإن صلاها في وقت الظهر، وهذا يستقيم على اختيار شيخ الإسلام أنها لا تشترط نية جمع التقديم، وهو الصواب. والله أعلم. وصلى الله عليه وسلم.
انتهى. http://almoslim.net/node/282440
والله أعلم.
تعليق