الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم تخصيص ولده المعاق بالوقف عليه دون غيره

293626

تاريخ النشر : 17-07-2018

المشاهدات : 5003

السؤال

أريد استغلال هذا الشهر الفضيل في الثواب العظيم ، أنا أب لعدد من البنين والبنات ، وفيهما اثنان معاقان ، ومن ضمن ممتلكاتي 8 سكنات صغيرة ، أريد وقفها ، هل يجوز وقف أربعة منها للولدين المعوقين دون الاخرين ؟ وكيف يتم ذلك ؟

ملخص الجواب

لا حرج عليك في الوقف على أولادك، وفي تخصيص المعاقين به، كما خص الزبير رضي الله عنه المردودة (المطلقة) من بناته بوقفه.  

الجواب

الحمد لله.

يجوز الوقف على الأولاد والذرية ، ويستحب أن يعدل بينهم إلا لمسوغ، كأن يكون أحدهما معاقا، أو كثير العيال، ونحو ذلك.

قال ابن قدامة رحمه الله : "والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده، على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.

وقال القاضي: المستحب التسوية بين الذكر والأنثى؛ لأن القصد القربة على وجه الدوام، وقد استووا في القرابة.

ولنا : أنه إيصال للمال إليهم، فينبغي أن يكون بينهم على حسب الميراث، كالعطية، ولأن الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الأنثى؛ لأن كل واحد منهما في العادة يتزوج، ويكون له الولد، فالذكر تجب عليه نفقة امرأته وأولاده، والمرأة ينفق عليها زوجها ولا يلزمها نفقة أولادها، وقد فضل الله الذكر على الأنثى في الميراث على وفق هذا المعنى، فيصح تعليله به ، ويتعدى إلى الوقف وإلى غيره من العطايا والصلات.

وما ذكره القاضي : لا أصل له، وهو ملغى بالميراث والعطية.

فإن خالف فسوى بين الذكر والأنثى، أو فضلها عليه، أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض، أو خص بعضهم بالوقف دون بعض، فقال أحمد، في رواية محمد بن الحكم: إن كان على طريق الأثرة، فأكرهه، وإن كان على أن بعضهم له عيال ، وبه حاجة. يعني : فلا بأس به.

ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته، دون المستغنية منهن ، بصدقته.

وعلى قياس قول أحمد، لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه، تحريضا لهم على طلب العلم، أو ذا الدين دون الفساق، أو المريض، أو من له فضل من أجل فضيلته، فلا بأس.

وقد دل على صحة هذا أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - نحل عائشة جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده، وحديث عمر، أنه كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله أمير المؤمنين، إن حدث به حدث، أن ثمغا وصرمة بن الأكوع [مالان كان لعمر رضي الله عنه]  والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، الذي أطعمه محمد - صلى الله عليه وسلم – بالوادي تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، أن لا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذوي القربى، لا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقا منه. رواه أبو داود.

وفيه دليل على تخصيص حفصة دون إخوتها وأخواتها" انتهى من "المغني" (6/ 18).

والحنابلة على جواز التفضيل في الوقف، مع الكراهة، خلافا للعطية والهبة فإنه يحرم التفضيل فيها.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 437): "(وسن أن لا يزاد ذكر على أنثى) من أولاد وإخوة ونحوهم (في وقف) عليهم؛ لأن القصد القربة على وجه الدوام" انتهى.

وتزول الكراهة إن كان هناك مسوغ للتفضيل كالمرض والإعاقة.

قال في "منار السبيل" (2/ 17): "(ويكره هنا) أي: في الوقف (أن يفضل بعض أولاده على بعض لغير سبب) شرعي ، لأنه يؤدي إلى التقاطع، ولقوله، صلى الله عليه وسلم، في حديث النعمان بن بشير: ( ... اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). قال: فرجع أبي في تلك الصدقة . رواه مسلم.

(والسنة أن لا يزاد ذكر على أنثى) .

واختار الموفق، وتبعه في الشرح والمبدع وغيره: للذكر مثل حظ الأنثيين على حسب قسمة الله في الميراث، كالعطية، والذكر في مظنة الحاجة غالباً بوجوب حقوق تترتب عليه بخلاف الأنثى.

(فإن كان لبعضهم عيال أو به حاجة أو عاجز عن التكسب) ، فخصه بالوقف ، أو فضّله (أو خص المشتغلين بالعلم، أو خصّ ذا الدين والصلاح فلا بأس بذلك) نص عليه، لأنه لغرض مقصود شرعاً" انتهى.

والحاصل :

أنه لا حرج عليك في الوقف على أولادك، وفي تخصيص المعاقين به، كما خص الزبير رضي الله عنه المردودة (المطلقة) من بناته بوقفه.

قال البخاري في صحيحه: " وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، وَقَالَ: لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ : أَنْ تَسْكُنَ ، غَيْرَ مُضِرَّةٍ ، وَلاَ مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب