الحمد لله.
قال الله تعالى ، في جملة ما وصف من النعيم الذي أعده لأهل الجنة :
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ الرحمن/46-51 . إلى آخر الآيات التي وصفت حال الجنتين ، وحال أهلهما .
ثم قال في وصف جنتين أخريين ، هما دون هاتين الجنتين ، وما فيهما من النعيم الذي أعده الله لأوليائه في الجنة :
وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ الرحمن/62-67 .
وقوله تعالى: فيهما عينان تجريان ، أي: في الجنتين اللتين أعدهما الله لمن خاف مقام ربه : عينان تجريان في غير أخدود، يقال: إن حصباءهما الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، وترابهما الكافور، وحصاتهما المسك الأذفر وحافاتهما الزعفران.
وأما قوله: فيهما نضاختان ، أي: في جنتين آخريين ، دون الجنتين الأوليين : عينان فوارتان ؛ أي: أن الماء يفور منهما .
وانظر: "تفسير الطبري" (22/ 260)، "الهداية" لمكي: (11/ 7235).
قال الرازي: "وقوله في هذه: عينان نضاختان، مع قوله في الأوليين: عينان تجريان [الرحمن: 50] لأن النضخ دون الجري" انتهى من "التفسير الكبير" (29/ 379)، وانظر: "تفسير ابن كثير" (7/ 507).
ويقول البقاعي عن النضخ: "أي: تفوران بشدة ، توجب لهما رشاش الماء ، بحيث لا ينقطع ذلك، ولم يذكر جريهما ، فكأنهما بحيث يرويان جنتهما ، ولا يبلغان الجري، والنضخ دون الجري ، وفوق النضح" انتهى من " نظم الدرر"(19/ 188).
وقال ابن القيم: " قوله: فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ وفي الأخريين فيهما عينان نضاختان والنضاخة هي الفوارة .
والجارية السارحة، وهي أحسن من الفوارة ؛ فإنها تضمن الفوران والجريان" انتهى من " حادي الأرواح"(103).
والله أعلم .
تعليق