الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

حكم السفر إلى "تاج محل " لأجل الفرجة ومشاهدة آثاره

296067

تاريخ النشر : 12-12-2018

المشاهدات : 8564

السؤال

أنا من الهند ، فهل يمكنني زيارة تاج محل لغرض السياحة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

السفر للتنزه والفرجة : هو من أمور العادات التي الأصل فيها الإباحة، ولا يعلم دليل على تحريمها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ) .

ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه ... وهذه قاعدة عظيمة نافعة " انتهى، من " مجموع الفتاوى " (29 / 16 – 18) .

وقد نص على هذا كثير من أهل العلم؛ جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (25 / 28):

" وقد صرح الشافعية والحنابلة بأن السفر لرؤية البلاد والتنزه فيها مباح " انتهى.

و "تاج محل" : السفر إليه لأجل الفرجة: حكمه من حيث الأصل لا يخرج عن الإباحة .

وما يوجد فيه من قبر، فإن السائح لا يشد الرحال إليه بنية الطاعة ؛ فليس هو قبر نبي ، ولا ولي ، ولا أحد ممن يعظمه الناس تعظيما دينيا ، ويقصدون قبره قصدا محرما ، لأجل ذلك .

بل المعروف أن السائح لا يقصد من ذلك المكان إلا الفرجة على القصر، والقبر مجرد تابع له ، هذا إن تمكن من رؤية نفس القبر ، أو زيارته هناك .

وإذا قدر أنه زار المكان للفرجة والسياحة ، ثم تمكن من رؤية القبر هناك ، أو زيارته وهو في المكان ، أو الدعاء والاستغفار لمن دفن فيه من المسلمين : لم يكن ذلك ممنوعا .

وإنما الممنوع في حق الذاهب إلى هناك: شد الرحل ، والسفر بقصد زيارة القبر ، ثم شهود ما يقع عند القبور من الأمور البدعية المحرمة .

ثانيا:

ما سبق تقريره من إباحة السفر للسياحة والنزهة ، في هذا المكان ، أو نحوه ؛ هذه الإباحة مقيدة بشرط ألا يكون في المكان اختلاط على وجه محرم ، أو منكرات ، لا يتمكن الزائر من النهي عنها ، أو تغييرها ، أو الخلوص بنفسه من حضورها ، وشهودها ، أو الوقوع فيها .

قال الله تعالى ، في صفات عباد الرحمن:  وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا  الفرقان/72 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل ، والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء ، والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير، والصور ونحو ذلك .

وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه .

وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية .

وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ : وهو الكلام الذي لا خير فيه ، ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ، ككلام السفهاء ونحوهم .

مَرُّوا كِرَامًا أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ، ورأوا أن الخوض فيه ، وإن كان لا إثم فيه : فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة ، فربأوا بأنفسهم عنه.

وفي قوله: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه. " انتهى من "تفسير السعدي" (587) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"عن رجل غدا إلى " التكروري " ؛ يتفرج ، فغرق. هل هو عاص أم شهيد؟"

فأجاب:

" إن قصد الذهاب إلى هذا القبر ، للصلاة عنده ، والدعاء به ، والتمسح بالقبر وتقبيله ، ونحو ذلك مما نهي عنه ؛

أو أن يعمل بشيء نهى الله عنه ؛ من الفواحش ، والخمر ، والزمر ؛

أو التفرج على هؤلاء ، ورؤية أهل المعاصي من غير إنكار = فهم عصاة لله في هذا السفر .

وأمرهم إلى الله تعالى، ويرجى لهم بالغرق: رحمة الله " انتهى، من "مجموع الفتاوى" (27/496).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب