الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

النذر باللفظ الصريح والكناية

297764

تاريخ النشر : 26-12-2018

المشاهدات : 17767

السؤال

قرات أن هناك كنايات نذر تنعقد مع النية ، وسؤالي هل هذه العبارات من الكنايات : * إياك نعبد . *الصراط المستقيم . * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ . لو صاحبتها نية عمل شي من الطاعات ، فما حكمها ؟

ملخص الجواب

الألفاظ الواردة في السؤال : ليست من ألفاظ النذر، لا الصريحة ، ولا الكناية .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

النذر ينعقد باللفظ الصريح ، المشتمل على كلمة (النذر) ، كقول الإنسان: نذرت كذا، أو لله علي نذر كذا، أو بما يفيد الالتزام ، ولو خلا من لفظ النذر، كقوله: لله علي أن أفعل كذا.

قال في "كشاف القناع" (6/ 273): " (وهو) أي النذر (إلزام مكلف مختار، نفسه ، لله تعالى ، بالقول ، شيئا غير لازم بأصل الشرع ؛ كـ) قوله (علي لله، أو نذرت لله، ونحوه) كـ: لله علي كذا، ونحوه مما يؤدي معناه؛ فلا ينفذ من غير مكلف، كالإقرار، ولا من مكره، ولا بغير قول إلا من أخرس، وإشارة مفهومة، كيمينه" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" :" لا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر ، فصرح في صيغته اللفظية، أو الكتابية ، بلفظ (النذر) : أنه ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر.

وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر ، إذا خلت من لفظ (النذر) كمن قال: لله علي كذا، ولم يقل نذرا، وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ، ويلزمه ما نذر أم لا؟ على اتجاهين:

الاتجاه الأول: يرى أصحابه أن النذر ينعقد ، ويلزم الناذر ، وإن لم يصرح في صيغته بلفظ النذر، إذا أتى بصيغة تفيد التزامه بذلك، روي هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ إذ قال في رجل قال: علي المشي إلى الكعبة لله. هذا نذر فليمش، وقال بمثل قوله سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد ويزيد بن إبراهيم التيمي، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وحكاه ابن قدامة عن جماعة من العلماء.

وقال أصحاب هذا الاتجاه: إن عدم ذكر لفظ النذر في الصيغة ، لا يؤثر في لزوم النذر ، إذا كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر ، النذر، وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر.

وقالوا كذلك: إن من قال: لله علي كذا ، ولم يذكر لفظ النذر، فإن لفظة " علي " في هذه الصيغة للإيجاب على نفسه، فإذا قال : علي المشي إلى بيت الله تعالى، فقد أوجب على نفسه ذلك، فلزمه، كما لو قال: هو علي نذر.

الاتجاه الثاني: يرى من ذهب إليه أن النذر لا ينعقد إلا إذا صرح في صيغته بلفظ النذر وهو قول آخر لسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد.

واستدل أصحاب هذا الاتجاه بالمعقول فقالوا: إن النذر إخبار بوجوب شيء لم يوجبه الله تعالى على الناذر ، إلا أن يصرح بجهة الوجوب " انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (40/ 140).

ثانيا:

صرح جماعة من الشافعية بأن النذر ينعقد بالكناية ، مع النية.

قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج"(6/ 232): " وأما الصيغة : فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام ، فلا ينعقد بالنية ، كسائر العقود. وتنعقد بإشارة الأخرس المفهمة .

وينبغي كما قال شيخنا : انعقاده بكناية الناطق ، مع النية.

قال الأذرعي: وهو أولى بالانعقاد بها من البيع" انتهى.

وقال الشرواني في حاشيته على "تحفة المحتاج" (8/ 47): " والنذر صيغة التزام ، يدخلها الصريح والكناية" انتهى.

ومن أمثلة ذلك لو قال: "التزمت الأضحية، أو هي لازمة لي" كما في "تحفة المحتاج" (9/ 346).

ومثل بعضهم بما لو قال: جعلت هذا المال صدقة.

قال الشربيني: "والصحيح أنه صريح ، كما في شرح العباب لحجر" انتهى من حاشيته على"الغرر البهية"(2/ 167).

وهذه العبارات السابقة ، والتي اختلف فيها الفقهاء : فيها قدر من الالتزام .

أما العبارات الواردة في السؤال : فليس فيها شيء من ذلك ، ولا علاقة لها بصيغ الالتزام ، ولا بباب النذر أصلا .

فلو قالها الإنسان ، مع نية فعل شيء من الطاعات : لم يكن ذلك نذرا.

ويشبه هذا كنايات الطلاق ، فإنها لا يقع بها الطلاق إلا إذا كان اللفظ المذكور ، يحتمل أن يكون "كناية" في الطلاق ؛ فلو قال لامرأته : اخرجي من البيت ، ونوى الطلاق : وقع الطلاق .  وأما لو قال لها : "أنت طويلة ، أو : أنت قصيرة ، وقال : نويت الطلاق : فلا تطلق ، لأن هذا اللفظ لا يحتمل الطلاق إطلاقا .

إذًا ، فالكناية لا يقع بها الطلاق ، إلا إذا كانت مما يحتمل الطلاق .

أما ما لا يحتمله : فليس بشيء .

انظر : "الشرح الممتع" (13/86) .

والحاصل :

أن الألفاظ الواردة في السؤال : ليست من ألفاظ النذر، لا الصريحة ، ولا الكناية .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب