الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل تطهر النجاسة على الثوب بالجفاف ؟

298324

تاريخ النشر : 28-02-2019

المشاهدات : 87817

السؤال

عندي سؤال لم أفهمه ، وهو أنكم في فتوى الطهارة تقولون : إنه متى زالت النجاسة زال حكمها ، ونقلتم فتوى عن الشيخ الفوزان : أن النجاسة لا تزول عن الملابس إلا بالغسل بالماء الطهور، ولا يكفي جفاف النجاسة عنها، وقال صلى الله عليه وسلم في دم الحيض يصيب ثوب المرأة‏:‏ ‏(‏تَحُتّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي به‏) متفق عليه ، فيجب غسل النجاسة عن الثوب قبل الصلاة فيه ، وإذا لمس الإنسان نجاسة رطبة فإنه يغسل ما لمسها به من جسمه ؛ لانتقال النجاسة إليه ، أما النجاسة اليابسة فإنه لا يغسل ما لمسها به ؛ لعدم انتقالها إليه‏ ، فهل يزول حكم النجاسة عن الثوب إذا جف واختفت ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

النجاسة متى زالت زال حكمها، لكن البول إذا جف من الثوب-في الظل- فإنه لا يزول، بل يبقى، ولو وضع عليه الماء لظهر أثره.

وهذا هو المعنى الذي اعتمد عليه من يقول: إن النجاسة في الثوب لا تطهر بالجفاف.

بل الجمهور على أن النجاسة على الأرض لا تطهر بالشمس والريح، خلافا للحنفية .

وقول الحنفية هو الراجح، ومبناه على أن أثر النجاسة يزول بتأثير الشمس ، أو الريح ، وليس بمجرد جفاف الأرض ، فإنها تجف سريعا مع بقاء أثر النجاسة فيها.

وأما إن كان جفاف الثوب بالشمس مع طول المدة ، بحيث لو وضع عليه الماء بعد ذلك لم يظهر أثر للنجاسة، فإن الثوب يطهر بذلك عند جماعة من الفقهاء، وهو قول للشافعية والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال النووي رحمه الله : "وأما الثوب النجس ، ببول ونحوه إذا زال أثر النجاسة منه بالشمس ، فالمذهب القطع بأنه لا يطهر ، وبه قطع العراقيون .

ونقل إمام الحرمين عن الأصحاب أنهم طردوا فيه القولين، كالأرض. قال: وذكر بعض المصنفين - يعني الفوراني - أنا إذا قلنا يطهر الثوب بالشمس، فهل يطهر بالجفاف في الظل؟ فيه وجهان .

وهذا ضعيف. قال الإمام: ولا شك أن الجفاف لا يكفي في هذه الصورة؛ فإن الأرض تجف بالشمس على قرب ، ولم ينقلع بعد آثار النجاسة .

فالمعتبر: انقلاع الآثار على طول الزمان ، بلا خلاف، وكذا القول في الثياب" انتهى من "المجموع" (2/ 596).

وعلم من هذا أن الجفاف وحده لا يكفي ، بل لابد من زوال أثر النجاسة .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وتطهر الأرض النجسة بالشمس والريح ، إذا لم يبق أثر النجاسة ، وهو مذهب أبي حنيفة ، لكن لا يجوز التيمم عليها بل تجوز الصلاة عليها بعد ذلك ، ولو لم تغسل .

ويطهر غيرها بالشمس والريح أيضا ، وهو قول في مذهب أحمد , ونص عليه أحمد في حبل الغسال " انتهى من "الاختيارات الفقهية ضمن الفتاوى الكبرى" (5/ 312).

وينظر: "الفروع" (1/ 241)، و"الإنصاف" (1/ 317).

ثانيا:

النجاسة اليابسة على الثوب مثلا، لا تنتقل إلى من لمسها مع جفاف يده، ولا يعني هذا طهارة الثوب.

فلا تعارض بين هذه المسائل الثلاث:

1-النجاسة يزول حكمها بزوالها.

2-النجاسة على الثوب لا تطهر بالجفاف؛ لأنها لا تزول به، بل لا بد من زوال أثر النجاسة ، للحكم بالطهارة .

3-النجاسة لا تنتقل بين جافين، لكن عدم انتقالها من الثوب مثلا إلى شيء آخر، لا يعني زوالها من الثوب وطهارته.

قال في "حاشية الدسوقي" (1/ 81): " تنبيه: ليس من زوال النجاسة: جفاف البول بـ:كـ(ثوبٍ)، وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولا نجسه" انتهى.

تنبيه:

ذهب الحنفية إلى طهارة الأرض بالجفاف بالشمس والريح والنار، وخصوا ذلك بالأرض وما كان ثابتا فيها، بخلاف غير الأرض كالثوب، فإنه لا يطهر بذلك.

قال في "البحر الرائق" (1/ 237) : " ( قوله : والأرض : باليبس ، وذهاب الأثر ، للصلاة ، لا للتيمم ) أي تطهر الأرض المتنجسة بالجفاف ، إذا ذهب أثر النجاسة ، فتجوز الصلاة عليها ، ولا يجوز التيمم منها ...

قيّد بالأرض: احترازا عن الثوب والحصير والبدن وغير ذلك، فإنها لا تطهر بالجفاف مطلقا. ويشارك الأرض في حكمها: كل ما كان ثابتا فيها ، كالحيطان والأشجار والكلأ والقصب وغيره ، ما دام قائما عليها، فيطهر بالجفاف وهو المختار , كذا في الخلاصة .

فإن قطع الخشب والقصب وأصابته نجاسة فإنه لا يطهر إلا بالغسل" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب