الحمد لله.
أولاً :
أمر الله تعالى عباده أن يقيموا الصلاة في أوقاتها التي شرعها لهم، فقال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتاً سورة النساء/ 103 .
فيجب على المسلم أن يؤدي الصلاة في وقتها المحدد، ولا يجوز له تأخيرها ولا أن يجمع بين الصلاتين إلا لعذر يبيح الجمع كسفر أو مرض، ومن جمع الصلاة بغير عذر فهو آثم ولا تصح الصلاة التي أداها قبل وقتها، في جمع التقديم.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وكل ما اعتبر له وقت فلا يصح قبل وقته، إلا الثانية من المجموعتين، تفعل في وقت الأولى حال العذر، إذا جمع بينهما" انتهى من "المغني" (2/ 7).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وإذا كان النبي صلي الله عليه وسلم حدد الأوقات تحديداً مفصلاً فإن إيقاع الصلاة في غير وقتها من تعدي حدود الله : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [ البقرة / من الآية229 ] فمن صلى الصلاة قبل وقتها عالماً عامداً فهو آثم وعليه الإعادة ، وإن لم يكن عالماً عامداً فليس بآثم لكن عليه الإعادة ، وهذا حاصل بجمع التقديم بلا سبب شرعي فإن الصلاة المقدمة لا تصح وعليه إعادتها.
ومن أخر الصلاة عن وقتها عالماً عامداً بلا عذر فهو آثم ، ولا تقبل صلاته على القول الراجح ، وهذا حاصل بجمع التأخير بلا سبب شرعي ، فإن الصلاة المؤخرة لا تقبل على القول الراجح . فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى ولا يتساهل في هذا الأمر العظيم الخطير" انتهى من "مجموع الفتاوى"(15/ 387).
ثانيا:
ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز الجمع في الحضر لرفع المشقة، عملا بما روى مسلم (705) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ" فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ".
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/ 264) : " وقد استدل بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقا، بشرط أن لا يتخذ ذلك خُلقا وعادة، قال في الفتح : وممن قال به ابن سيرين وربيعة وابن المنذر والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لأن الجمع رخصة، كلما احتاج الإنسان إليه فإنه يجمع، ولهذا ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر. قيل له: ما أراد بذلك : قال : أن لا يحرج أمته، أي أن لا يلحقها حرج إذا صلت كل صلاة في وقتها " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2).
وسئل رحمه الله: " وصلت من الرحلة الماضية، إلى رحلة أخرى حتى الصباح، ولم أنم وانتظرت صلاة الظهر، وكنت متعباً جداً ، فهل يجوز لي أن أصلي العصر مع الظهر جمع تقديم مع أنني في بلدي؟
فأجاب: نعم يجوز لك ذلك، لأن الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء يجوز مع المشقة بتركه، سواء كان جمع تقديم أو جمع تأخير" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين "(15/ 435).
وتسخين الماء الكافي للغسل المقتصد لا يحتاج إلى نصف ساعة، بل تكفيه عشر دقائق أو أقل، وإذا شق عليه انتظار هذه الدقائق، فكان عليه أن يضبط ساعته ليستيقظ قبل العصر بنصف ساعة، ثم إن نام ولم يقم فهو معذور.
وأما الجمع فلا يظهر وجهه، ما لم يكن الإنسان بحال من التعب وقلة النوم، بحيث يغلب على ظنه أنه لن يستيقظ قبل خروج وقت الصلاة الثانية، فيجمعها تقديما مع الظهر، كما مر في فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
أما المسئول عنه فمفرط فيما يظهر لنا، وعليه التوبة وعدم العود لمثل ذلك.
والله أعلم.
تعليق