السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

التنويع بين الأدعية الواردة أفضل من الاقتصار على صيغة واحدة.

298738

تاريخ النشر : 16-11-2023

المشاهدات : 1466

السؤال

انتشرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحث من يمر بأي ضائقة مالية أو مشكلة ما فليكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه فقط، مستدلين بحديث أبي بن كعب، في حين أن رسول صلى الله عليه وسلم وردت عنه أذكار مخصوصة للديون، والهموم، وغير ذلك، فما صحة ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

ثبت في الحديث أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سببٌ في رفع الهموم.

روى أحمد (20736)، والترمذي (2457) - واللفظ له - عن أبي بن كعب رضي الله عنه قَالَ : " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: (مَا شِئْتَ)

قَالَ : قُلْتُ : الرُّبُعَ ؟

قَالَ : (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)

قُلْتُ: النِّصْفَ ؟

قَالَ: (مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)

قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)

قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟

قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) وحسنه الألباني في "سنن الترمذي".

وحسنه محققو المسند.

وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (128455).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" سئل شيخنا أبو العباس – ابن تيمية - عن تفسير هذا الحديث؟

فقال: كان لأبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ( إن زدت فهو خير لك ). فقال له: النصف؟ فقال: ( إن زدت فهو خير لك )، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها، أي: أجعل دعائي كله صلاة عليك. قال: ( إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك )؛ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه ، وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه رضي الله عنه " انتهى من "جلاء الأفهام" (ص 76).

وقد وردت أذكار شرعية أخرى لدفع الهموم والغموم، كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (174515).

كما وردت أذكار أخرى لمن عليه ديون ، روى الترمذي (3563) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي .

قَالَ : أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ، قَالَ: قُلْ : (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

والمكاتبة : تعهد العبد بدفع مال لسيده حتى يعتقه .

و( جبل صِير) اسم جبل.

 وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ :

"دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ ، فَقَالَ: (يَا أَبَا أُمَامَةَ ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟!) قَالَ : هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟)، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ:

(قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ)

قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي ، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي .

رواه أبو داود (1555) وفيه غسان بن عوف قال الذهبي: غير حجة. لذلك ضعف الشيخ الألباني الحديث في ضعيف أبي داود . ولكن الدعاء المذكور ، وهو قوله : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن.. ثابت في الصحيحين من غير قصة أبي أمامة هذه ، والله أعلم .

فهذه أدعية لمن كان مهموما أو عليه ديون ، يُرجى أن يعينه الله بسببها ويزيل همه ، ويقضي دينه .

فإذا اقتصر المسلم على شيء من هذه الأدعية ، فلا حرج عليه في ذلك ، غير أن الأكمل أن يأتي بها جميعا .

وهذا هو الشأن في الأذكار والأدعية التي لم يثبت الاقتصار على واحد منها .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/95):

"وقد سبق أن الاستفتاحات الواردة لا تقال جميعا، إنما يقال بعضها أحيانا وبعضها أحيانا، وبينّا دليل ذلك، لكن أذكار الركوع المعروف عند عامة العلماء أنها تذكر جميعاً" انتهى.

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام في الاستفتاح تارةً يستفتح بما جاء في حديث عمر: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ، وتارةً بما جاء في حديث أبي هريرة: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) وهو في الصحيحين ...

فالمؤمن هكذا ..... والمؤمنة كذلك، يعني تارةً يستفتح بهذا وتارةً يستفتح بهذا، وإن استمر على واحد فلا بأس...

أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود، فيقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم)؛ فإذا كررها ثلاثًا فهو أفضل ، والواجب مرة. وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: (سبحان ربي العظيم) في الركوع و (سبحان ربي الأعلى) في السجود؛ لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الحاقة:52] قال: (اجعلوها في ركوعكم) ، ولما نزل قوله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) [الأعلى:1]، قال: (اجعلوها في سجودكم) .

فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك، (سبحان ربي العظيم) في الركوع ، و(سبحان ربي الأعلى) في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثًا، وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، ويستحب أن يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، كان يقوله النبي أيضًا في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام، فإن أتى بما تيسر من هذا، كان هذا أفضل، وإن اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس..." انتهى .

وينظر السؤال رقم: (325502).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب