الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

قراءة الفاتحة للمأموم والجهر بالبسملة عند الشافعية .

299653

تاريخ النشر : 11-05-2020

المشاهدات : 25305

السؤال

ما هو الواجب على المأموم قراءته في الصلاة الجهرية ، هل يكتفي بقراءة الفاتحة أم ينصت للإمام ولا يقرأ شيئًا ؟ ولماذا يقوم بعض الأئمة بعدم قراءة البسملة في بداية سورة الفاتحة مع إنها الآية الأولى في السورة ؟ أرجو الإجابة على السؤال حسب مذهب الشافعية .

ملخص الجواب

الشافعية يرون بوجوب قراءة المأموم للفاتحة خلف الإمام ، في السرية والجهرية . كما يرون أن الجهر بالبسملة للإمام في الجهرية : هو السنة .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

اختلف العلماء في حكم قراءة المأموم خلف الإمام على قولين :

فذهب الحنفية إلى أنه لا قراءة خلف الإمام في شيء من الصلاة ؛ ما يجهر فيه بالقراءة ، وما لا يجهر فيه بالقراءة .

وذهب المالكية إلى أن المأموم يستحب له أن يقرأ في السرية ، أما الجهرية فلا يقرأ ، وإنما يستمع لقراءة الإمام .

وفي قول للإمام أحمد : " يقرأ فيما لا يجهر ، وإن أمكنه أن يقرأ فيما يجهر قبل أن يأخذ الإمام في القراءة ، ولا يعجبني أن يقرأ والإمام يجهر ، أحب إليّ أن ينصت " انتهى من "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" (2/ 545).

وينظر : "الحجة على أهل المدينة" (1/ 116)، و"حاشية ابن عابدين" (1/ 544)، و"النوادر والزيادات" (1/179)، و"شرح منتهى الإرادات" (1/264).

أما الشافعية فيرون وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في السرية .

وأما الجهرية: فعندهم فيها قولان ؛ أصحهما أنه يجب على المأموم القراءة فيها :

قال الرافعي : " ولا فرق في تعيين الفاتحة بين الإمام والمأموم في الصلاة السرية .
وفي الجهرية قولان:
أحدهما : إنها لا تجب على المأموم ، وبه قال مالك وأحمد ، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلاَةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ، فَقَالَ :  هَلْ قَرَأَ مَعِيَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ؟   . فَقَالَ رَجُلٌ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ . فَقَالَ :  مَا لِيَ أُنَازعُ بِالقُرْآنِ  فَانْتَهَى النَّاسُ عَن الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ .

وأصحهما : أنه تجب عليه أيضًا ؛ لما روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " كُنَّا خَلْفَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ ،فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ ، فَلَمَّا فرَغَ قَالَ :  لَعَلَّكُم تَقْرَؤُنَ خَلْفِي ؟  ، قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : لاَ تَفْعَلُوا ذلِكَ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ .

وهذا القول يعرف "بالجديد" ، ولم يسمعه المزني من الشافعي رضي الله عنه ، فنقله عن بعض أصحابنا عنه ، يقال : إنه أراد الربيع . وأما القول الأول فقد نقله سماعًا عن الشافعي رضي الله عنه . 

وقال أبو حنيفة : لا يقرأ المأموم لا في السرية ولا في الجهرية .

وحكى القاضي ابن كج أن بعض أصحابنا قال به ، وغلط فيه " انتهى من "العزيز شرح الوجيز" (1/ 491).

وقال الإمام النووي: " قد ذكرنا أن مذهبنا وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في كل الركعات ، من الصلاة السرية والجهرية . وهذا هو الصحيح عندنا " انتهى من "المجموع" (3/ 365).

ثانيًا:

اختلف أهل العلم في البسملة هل هي آية من الفاتحة ، ومن كل سورة أم لا ؟ 

فمذهب المالكية ، والمشهور عند الحنفية ، والأصح عند الحنابلة : "أن البسملة ليست آية من الفاتحة ومن كل سورة ، وأنها آية واحدة من القرآن كله ، أنزلت للفصل بين السور ، وذكرت في أول الفاتحة .

وذهب الشافعية : إلى أن البسملة آية كاملة من الفاتحة، ومن كل سورة .

وترتب على هذا اختلافهم في حكم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية للإمام ، وهو على التفصيل الآتي :

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه تسن قراءة البسملة سرًّا ، في الصلاة السرية والجهرية .

قال الترمذي : وعليه العمل عند أكثر أهل العلم ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين، ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.

وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وعمار بن ياسر وابن الزبير ، والحكم ، وحماد ، والأوزاعي ، والثوري ، وابن المبارك .

واستدلوا بما رواه البخاري في جزء "القراءة خلف الإمام" (89) عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ".

وفي "صحيح مسلم" (399) عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ،  وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ   بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  الفاتحة/ 1 " .

وفي رواية لمسلم (399) قَالَ : " صَلَّيْتُ خَلَفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِـ  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  ، لَا يَذْكُرُونَ   بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ   فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا ".

وذهب الشافعية إلى أن السنة الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية ، في الفاتحة وفي السورة بعدها.

واستدلوا بما روى ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم " . 

إلا أنه حديث لا يصح ، فقد أخرجه الترمذي (245) وقال : وليس إسناده بذاك .

وقالوا : لأنها تقرأ على أنها آية من القرآن ، بدليل أنها تقرأ بعد التعوذ ؛ فكان سنتها الجهر كسائر الفاتحة .

وينظر : "سنن الترمذي" (244)، و"شرح مختصر الطحاوي" (1 /585)، و"المجموع" (3 /333)، و"المغني" لابن قدامة (1/ 345)، و"الموسوعة الفقهية الكويتية" (8/ 83)، (16/ 181)، و"الفقه الإسلامي" للزحيلي (2/ 839).

والحاصل :

أن الشافعية يرون بوجوب قراءة المأموم للفاتحة خلف الإمام ، في السرية والجهرية .

كما يرون أن الجهر بالبسملة للإمام في الجهرية : هو السنة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب