الحمد لله.
أولا:
لا حرج في بيع منزل مقابل أرض ، مع دفع مبلغ من المال، وذلك أن المنزل والأرض ليسا من الأصناف الربوية التي يلزم فيها التماثل ويحرم فيها التفاضل.
والأصناف الربوية ما جاء منصوصا عليها في الحديث الآتي وما ألحق بها مما اشتمل على علة الربا.
روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ .
وقد اختلف الفقهاء في علة الربا في هذه الأصناف، وهي لا تخرج عن: الثمنية، الكيل، الوزن، الطعم ، القوت .
وليس المنزل والأرض شيئا من ذلك، فلا حرج أن يباع منزل بمنزلين، أو بأرض، أو بأرض ونقود، مع التقابض، أو مع التأجيل؛ لانتفاء علة الربا.
قال في "زاد المستقنع": " وَمَا لاَ كَيْلَ فِيْهِ وَلاَ وَزْنَ؛ كَالثِّيَاب والحَيوانِ: يَجُوْزُ فِيْهِ النَّسَاءُ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: "قوله: وما لا كيل فيه ولا وزن كالثياب والحيوان يجوز فيه النساء لأنه ليس بربوي، إذ إن الربوي إما مكيل وإما موزون، فما لا كيل فيه ولا وزن فإنه يجوز فيه النساء، ولم يقل: الفضل؛ لأنه إذا جاز النساء ، جاز الفضل ، ولا عكس.
فقد يجوز الفضل ، ولا يجوز النساء ، كالبر بالشعير ـ مثلاً ـ يجوز فيه الفضل، ولا يجوز فيه النساء.
مثال ما سبق: لو بعت عليك ثوباً بثوبين، الثوب حاضر ، الثوبان بعد ستة أشهر : جاز؛ لأن الثياب لا يقع فيها الربا؛ لأنها ليست مكيلاً ولا موزوناً.
مثال آخر: إنسان احتاج إلى بعير وليس عنده دراهم، فجاء إلى شخص وقال: أعطني بعيراً الآن، وأعطيك بعيرين بعد سنة: جاز؛ لأنه ليس بربوي؛ لأنه ليس فيه كيل ولا وزن.
ويدل له : أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن
ينفذ جيشاً ، فكان يأخذ على قلائص الصدقة : البعير بالبعيرين، والبعيرين بالثلاثة.
وهو منطبق على القواعد : حيث إنه جارٍ على التعليل الذي ذكرنا" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 443).
وانظر: جواب السؤال رقم : (279825) ففيه بيان الراجح في علة الربا في الأصناف الستة.
ثانيا:
زكاة العقار تكون بتقويمه عند حولان الحول. وحوله يبدأ من ملك المال الذي اشتري به.
فإذا حال الحول قبل بيع العقار، قومته وجوبا، بسعر السوق، وأخرجت ربع العشر من هذه القيمة.
وإذا بعته قبل حولان الحول، فلك الانتظار حتى يحول الحول على الثمن ، فتزكي النقود التي معك، ولك إخراج زكاته عقب البيع، ويكون هذا من تعجيل الزكاة، وهو جائز.
وعليه: فالمنزل الذي بعته، إن كنت قد اشتريته للتجارة، وحال عليه الحول قبل بيعه، فالزكاة واجبة في ذمتك، وعليك أن تنظر كم كانت قيمته عند حولان الحول، فتزكي هذه القيمة.
وإذا بعته قبل أن يحول عليه الحول، وكان الثمن أرضا كما في سؤالك، أو كان الثمن نقودا وأدخلتها في أرض، فهنا تفصيل:
1-فإن كانت الأرض تنوي فيها التجارة، فهذا من إبدال عرض تجارة بعرض تجارة، فلا ينقطع الحول. فإذا حال الحول، قوّمت الأرض، وأخرجت ربع العشر من قيمتها.
وإذا أحببت تعجيل الزكاة ، وإخراجها بمجرد بيع العقار واستلام الأرض، فلك ذلك، فتقوم الأرض، وتخرج ربع العشر.
2-وإذا كانت الأرض تنوي بها القنية، لتزرعها، أو تؤجرها، أو تبني عليها للسكنى، أو للتأجير، فلا زكاة فيها، وينقطع حول العقار، ولا شيء عليك، إلا أن تتبرع بإخراج الزكاة على قيمة الأرض.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 504): " متى أبدل نصابا من غير جنسه، انقطع حول الزكاة ، واستأنف حولا، إلا الذهب بالفضة، أو عروض التجارة؛ لكون الذهب والفضة كالمال الواحد؛ إذ هما أروش الجنايات، وقيم المتلفات، ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة.
وكذلك إذا اشترى عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان، أو باع عرضا بنصاب، لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تجب في قيمة العروض، لا في نفسها، والقيمة هي الأثمان، فكانا جنسا واحدا" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (2/ 178): " (إلا في إبدال ذهب بفضة، وعكسه) كإبدال فضة بذهب (وعروض التجارة) أبدلت بأثمان، أو عروض تجارة.
(و) إلا في (أموال الصيارف) فلا ينقطع الحول في هذه بالإبدال ، لأنها في حكم الجنس الواحد، في ضم بعضها إلى بعض" انتهى.
والله أعلم.
تعليق