الحمد لله.
هذا الدعاء قطعة من حديث رواه الترمذي (3703)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1119)،
وفيه : سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ العِزَّ وَقَالَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلاَّ لَهُ، سُبْحَانَ ذِي الفَضْلِ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْمَجْدِ وَالكَرَمِ، سُبْحَانَ ذِي الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ .
وقد قال الترمذي : "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ليلى من هذا الوجه "، ونقله العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 778)، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ 402): "حديث طويل منكر".
وضعفه "الألباني" في "ضعيف سنن الترمذي" (445)، و"الأرناؤوط" في تعليقه على "جامع الأصول" (4/ 214).
ثانيًا :
ومع ضعفه إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون معناه صحيحا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ضعف إسناد الحديث: لا يمنع أن يكون متنه ومعناه حقًّا ". انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (7/356).
وهذا الوصف المذكور، معناه : اختصاص الله تعالى بالعز ، وحكم الله تعالى على نفسه بالعز والكبرياء ، فلا يستطيع أحدٌ أن يرد حكمه ، فالله هو العزيز الحكيم .
انظر : "التحبير لإيضاح معاني التيسير"، للأمير الصنعاني : (4/ 211) ، و"تحفة الأحوذي" (9/ 262).
قال في "تهذيب اللغة" (2/ 106) : "مَعْنَاهُ وَالله أعلم: سُبْحَانَ منْ تَرَدَّى بالعِزّ، والعطاف: الرِدَاء. وَالْمرَاد مِنْهُ بهاء الله وجلاله وجماله. وَالْعرب تضع الرِّدَاء مَوضِع الْبَهْجَة وَالْحسن، وتضعه مَوضِع النعْمة والبهاء. وسمّي الرِّدَاء عِطافاً لوُقُوعه على عِطْفَيِ الرجُل وهما ناحيتا عُنُقه. فَهَذَا معنى تعطّفِه العِزَّ". انتهى.
ثالثًا :
"العز والعزة" صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب والسنة ، و (العزيز) و(الأعز) من أسماء الله عَزَّ وجلَّ .
ومن الأدلة عليه قوله تعالى: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [البقرة: 129]، وقوله: وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26]، وقوله: فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [النساء: 139] ، إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [يونس: 65] ، فللهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر: 10] ، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ( قال الله عَزَّ وجلَّ : العِزُّ إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن ينازعني ؛ عذبته ) ، رواه : "مسلم" (2620) ، و"أبو داود" (4090) .
وقد بوب البخاري الباب الثاني عشر من كتاب الأيمان والنذور بقوله: "باب الحلف بعِزَّة الله وصفاته وكلماته" ، وفي كتاب التوحيد: "باب قول الله تعالى: وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون ، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ ، ومن حلف بعِزَّة الله وصفاته" .
فأنت ترى أنه يثبت صفة العِزَّة لله عَزَّ وجلَّ، ولذلك قال الحافظ في "الفتح" (13/370) : "والذي يظهر أنَّ مراد البخاري بالترجمة إثبات العِزَّة لله، رادّاً على من قال: إنه عزيز بلا عِزَّة؛ كما قالوا: العليم بلا علم" .
انظر : "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة"، للسقاف : (247 - 249).
والحاصل:
أن الوصف المذكور: لم يثبت به الحديث، ولم يرد به أثر صحيح عن السلف.
لكن ذلك لا يمنع أن يكون معناه صحيحا ، فلا بأس بأن يقوله المرء من قبل نفسه، في باب الثناء ، والدعاء؛ لكن من غير أن ينسبه إلى قائل لم يثبت عنه.
والله أعلم
تعليق