الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

باع الأب مزرعة لأحد أبنائه ثم قسم ثمنها على بقية أبنائه وزوجاته

301576

تاريخ النشر : 06-04-2019

المشاهدات : 3786

السؤال

والدي لديه ٤ مزارع ، باع إحدى تلك المزارع لشخص خارج العائلة بمبلغ ٤٠.٠٠٠ ألف ، وقام المشتري بتسوير تلك المزرعة بعقوم ترابية ، وشبك حديدي ، فجاء أخي الأكبر وطلب أن يشتريها هو ، وتخاصم مع المشتري ، واسترد تلك المزرعة ، ودفع ماغرمه المشتري ، وأحضر شهودا ، وهم إخوته الكبار ، وتقدم للمحكمة لاستخراج حجة استحكام ، وبعد إحالة المعاملة إلى هيئة النظر ، أبلغه عضوان من الهيئة أن لديه أربع معاملات في المحكمة مسجلة باسمه ، ولا يتم تسجيل معاملة أخرى إلا بعد سنة ، فسأل عن الحل ، فأخبراه أن يسجلها باسم شخص آخر ، أو ينتظر سنة كاملة ، فقام أخي بتسجيلها باسم والدي ، فسجلت المعاملة باسم والدي في المحكمة ، وصدر صك الاستحكام باسم الأب ، فقام الأب ببيع تلك المزرعة دون موافقة أخي الذي هو غارم ومشترٍ ،ثم قام والدي بتوزيع المال على أبنائه ، وبناته ، وزوجاته ، وقسم منه حتى على من كان على خلاف مع أخي الأكبر الذي غرم في تلك المزرعة واشتراها . السؤال : هل على والدي إثم ؟ وهل لأخي الذي اشترى هذه المزرعة حق يكفله له الشرع ؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده إلا عند الحاجة، في قول جمهور الفقهاء.

وذهب الحنابلة إلى جواز أن يأخذ من غير حاجة ، لكن بشرط ألا يأخذه ليعطيه لولده الآخر، وألا يأخذ ما يحتاجه الابن .

قال ابن قدامة رحمه الله: " وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين:

أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.

الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى ...

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا) متفق عليه، ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته " انتهى من "المغني" (6/ 320) مختصرا.

وقد سبق بيان أن الرخصة للأب في أن يأخذ من مال ابنه مقيدة بأربعة شروط، سبق بعضها في كلام ابن قدامة رحمه الله:

وليست الإباحة على إطلاقها ، بل هي بشروط أربعة :

الشرط الأول : ألا يكون في أخذه ضرر على الابن ، فإن كان في أخذه ضرر، فإن ذلك لا يجوز للأب.

الشرط الثاني : أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن – مثلا - سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه، وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها : فليس له أن يأخذها بأي حال .

الشرط الثالث : أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر.

الشرط الرابع: مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث .

وينظر جواب السؤال رقم : (9594) ، ورقم : (178729) ، ورقم : (149909) .

وظاهر من السؤال أن الأب غير محتاج للمال، ثم إنه وزع ثمن المزرعة على بقية أولاده وزوجاته؛ فقد أخذ الأب ما لا يحتاج إليه، وأضر بابنه صاحب المزرعة، وأعطى ماله لغيره، بغير وجه حق، وخان ما استأمنه عليه ابنه ، من تسجيله للأرض باسمه.

وعليه ؛ فما قام به ظلم بين، وإثم واضح، والواجب عليه التوبة، وأن يرد هذا البيع إن استطاع؛ لأنه بيع لا يصح لعدم ملك الأب للمزرعة شرعا، فإن لم يستطع فسخ البيع لزمه رد مثل الثمن الذي باع به إلى ابنه صاحب المزرعة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب