الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

حول صحة الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو عثرت بغلة في طريق العراق لسألني الله عنها ..

302577

تاريخ النشر : 03-10-2019

المشاهدات : 140708

السؤال

ما صحة الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لو عثرت بغلة في طريق العراق لسألني الله عنها لم لم تصلح لها الطريق يا عمر ؟ "

ملخص الجواب

هذا الأثر باللفظ المشهور، المتداول بين الناس: لم نقف له على أصل. وقد روي عنه بلفظ آخر معناه قريب من هذا المعنى . وهذا اللفظ هو :" لو أن جملا أو قال شاة أو قال حملا ، هلك بشط الفرات ، لخشيت أن يسألني الله عنه ".  وهذا الأثر بهذا اللفظ روي من عدة طرق ، لا يخلو إسناد كل واحد منها من ضعف ، إلا أنها تتقوى بمجموع الطرق فالذي يظهر أن الأثر، باللفظ الثاني: حسن بمجموع طرقه إن شاء الله .

الجواب

الحمد لله.

من مشهور الأقوال المأثورة، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه قال:

" لو عثرت بغلة في العراق ، لسألني الله – أو قال: لخفت أن يسألني الله - عنها : لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر " ؟!.

لم نقف عليه بإسناد قط ، لا صحيح ولا ضعيف !!

وقد روي عنه بلفظ آخر معناه قريب من هذا المعنى .

وهذا اللفظ هو :" لو أن جملا أو قال شاة أو قال حملا ، هلك بشط الفرات ، لخشيت أن يسألني الله عنه ".

 وهذا الأثر بهذا اللفظ روي من عدة طرق ، لا يخلو إسناد كل واحد منها من ضعف ، إلا أنها تتقوى بمجموع الطرق ، وبيان ذلك كما يلي :

الطريق الأول :

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (34486) ، والخلال في "السنة" (396) ، من طريق أسامة بن زيد ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : " كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسَعَوْنَ بِسَعْدٍ إِلَى عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ:" لأُبْدِلَنَّكُمْ حَتَّى تَرْضَوْنَ ، وَلَوْ هَلَكَ حَمَلٌ مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، ضَائِعًا ؛ لَخَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عَنْهُ " .

وهذا الطريق فيه علتان :

الأولى : فيه أسامة بن زيد الليثي ، وقد تُكلم فيه لأجل سوء حفظه ، ولذا قال ابن حجر في "التقريب" (317) :" صدوق يهم ". انتهى ، ولكن يقبل حديثه في المتابعات والشواهد ، ولذا قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/23) :" وَقَدْ يَرتَقِي حَدِيْثُه إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ ". انتهى

الثانية : الانقطاع بين حميد بن عبد الرحمن وعمر بن الخطاب رضي الله عنه .

قال العلائي في "جامع التحصيل" (145) :" روى عن عمر رضي الله عنه، وكأنه مرسل ". انتهى. وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (2/1085) :" قيل: إنه أدرك عمر، والصحيح أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ " انتهى.

الطريق الثاني :

أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/53) ، من طريق عَبْد اللهِ بْن الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَابْلُتِّيُّ ، ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:" لَوْ مَاتَتْ شَاةٌ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ ضَائِعَةً ، لَظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَائِلِي عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

وهذا الطريق فيه ثلاث علل :

الأولى : فيه : يحيى بن عبد الله البابلتي ، فيه ضعف ، قال فيه الذهبي في "الكاشف" (6197) :" لين ". انتهى ، وقال ابن حجر في "التقريب" (7585) :" ضعيف " انتهى .

الثانية : فيه : داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، فيه ضعف أيضا ، إلا أنه لا يترك حديثه ، ولذا قال ابن عدي في "الكامل" (3/560) :" وعندي: أنه لا بأس برواياته ، عن أبيه ، عَن جَدِّهِ ؛ فان عامة ما يرويه ، عن أبيه عَن جَدِّهِ ". انتهى.

الثالثة : الانقطاع بين داود بن علي وعمر بن الخطاب ، فإنه لم يدركه .

الطريق الثالث :

أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3/350)، من طريق مُحَمَّد بْن عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:" لَوْ مَاتَ جَمَلٌ ضَيَاعًا عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ لَخَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عَنْهُ ".

وفي إسناده الواقدي محمد بن عمر، وهو متروك .

الطريق الرابع :

أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (3988) ، ومن طريق ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44/355) ، من طريق إسماعيل بن إبراهيم ، قال ثنا يونس ، عن الحسن ، قال : قال عمر :"  لو مات جمل في عملي ضياعا ، خشيت أن يسألني الله عنه ".

ورجاله ثقات ، إلا أن فيه انقطاعا ، حيث إن الحسن البصري ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب ، فروايته عنه منقطعة .

الطريق الخامس :

أخرجه الطبري في "تاريخه" (4/202) ، من طريق ابن وهب ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ:" وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ ، لَوْ أَنَّ جَمَلا هَلَكَ ضَيَاعًا بِشَطِّ الْفُرَاتِ ، خَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهُ عَنْهُ آلَ الْخَطَّابِ ".

وهذا فيه : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ضعيف سيء الحفظ ، إلا أنه كذلك لم يترك .

قال ابن عدي في "الكامل" (5/448) :" وَعَبد الرحمن بن زيد بن أسلم : له أحاديث حسان ، وقد روى عنه كما ذكرت : يُونُس بن عُبَيد وسفيان بن عُيَينة ، حديثين . وروى معتمر عن آخر عنه ، وَهو ممن احتمله الناس ، وصدقه بعضهم ، وَهو ممن يكتب حديثه ". انتهى.

فمما سبق :

يتبين أن جميع طرق هذا الأثر لا تخلو من ضعف ، إلا أنها تقوي بعضها بعضا ، فالذي يظهر أن الأثر، باللفظ الثاني: حسن بمجموع طرقه إن شاء الله .

وأما باللفظ المشهور، المتداول بين الناس: فلم نقف له على أصل.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب