الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

حكم تأجير العين لبائعها واشتراط الإجارة في البيع

305172

تاريخ النشر : 22-09-2019

المشاهدات : 13693

السؤال

أريد شراء أرض من شركة وعرضت علي الشراء وليكن بمبلغ 600 ألف ريال ووعدت بتأجير الأرض لمدة 7 سنوات بحيث أن أسترجع قيمة الأرض (يعني قيمة الإيجار السنوي) مضروبة في 7 هي قيمة شراء الأرض . أو أنها تقوم بتشغيل الأرض مقابل 20% من الإنتاج - يعني لو جاء الإنتاج بمبلغ 100 ألف ريال فيكون لها 20% ويكون لي 80 % مع العلم يكون ذلك بعد خصم تكاليف الزراعة والري - فهل طريقة الإيجار صحيحة وحلال أم طريقة المشاركة 20% لهم ولي 80%. وطبعا أن أخاف من التدليس بحيث أنهم ممكن ينقصوا من إنتاج الأرض وبالتالي أتضرر من ذلك. وأميل أنا لضمان التأجير فما رأي الشرع في ذلك

ملخص الجواب

الصورتان المذكورتان جائزتان.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

اختلف الفقهاء فيما لو شرطت الإجارة في البيع، بأن قال البائع: أبيع لك الأرض مثلا، بشرط أن أستأجرها منك مدة معلومة. أو قال المشتري: أشتري منك الأرض بشرط أن تستأجرها مني مدة معلومة.

والجمهور على منع اشتراط عقد في عقد؛ لأنه من باب بيعتين في بيعة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " أن يشترط عقدا في عقد نحو أن يبيعه شيئا بشرط أن يبيعه شيئا آخر أو يشتري منه أو يؤجره أو يزوجه أو يسلفه أو يصرف له الثمن أو غيره، فهذا شرط فاسد يفسد به البيع سواء اشترطه البائع أو المشتري" انتهى من المغني (4/ 309).

وفي الموسوعة الفقهية (9/ 271): " أن يشترط في البيع بيعا آخر ويحدد المبيع والثمن، كأن يقول: بعتك داري هذه بألف، على أن تبيعني دارك بألف وخمسمائة، أو على أن تشتري مني داري الأخرى بألف وخمسمائة.

وقد صرح الحنفية والشافعية والحنابلة بأن هذا من البيعتين في بيعة المنهي عنه.

وهو عند الحنفية والشافعية أيضا من باب البيع والشرط المنهي عنه في السنة النبوية" انتهى.

وذهب المالكية، وأحمد في رواية: إلى جواز ذلك. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وكثير من المعاصرين.

وأجابوا عن حديث النهي عن بيعتين في بيعة بأن المراد به بيع العينة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فالقول الصحيح: أنه إذا شرط عقدا في البيع: فإن الشرط صحيح، والبيع صحيح؛ إلا في مسألتين ...

الأولى: إذا شرط قرضا ينتفع به، فهنا لا يحل؛ لأنه قرض جر نفعا، فيكون ربا.

الثانية: أن يكون حيلة على الربا " انتهى مختصرا من "الشرح الممتع" (8/ 239).

وينظر في تفصيل كلام الفقهاء، واختلافهم في اشتراط عقد معاوضة، كالإجارة، في عقد معاوضة أيضا، كالبيع: العقود المالية المركبة، د. عبد الله العمراني (98-116).

وممن ذهب إلى الجواز: الدكتور عبد الله بن موسى العمار في بحثه: "إجارة العين لمن باعها"، والدكتور نزيه حماد في بحثه " تأجير العين المشتراة لمن باعها صراحةً وضمناً"، والدكتور الصديق الضرير، والدكتور حسين حامد حسان، وينظر:

http://hh.mm-ss.com/pagedetails.aspx?id=111

وجاء في فتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية :

"نرجو التكرم بإفادتنا عن إمكانية أن تقوم الشركة بشراء موجودات معينة، كالطائرات مثلا، بسعر ثابت محدد، ثم تقوم الشركة بتأجير المعدات إلى نفس الشخص الذي تم شراؤها منه، لمدة معينة قد تصل لعدة سنوات، وبعد انتهاء مدة التأجير، تقرر الشركة في وقتها: بيع ، أو إيجار ، نفس المعدات ، إلى طرف جديد ، أو نفس الطرف السابق .

ومثالا لذلك:

يتم شراء طائرة من (أ) بقيمة 10 ملايين دولار، ثم يتم تأجيرها لنفس الطرف بمبلغ 6 ملايين دولار، لمدة ثلاث سنوات، علما بأنه بعد انتهاء مدة الإيجار، ستستلم الشركة الطائرة المذكورة أعلاه؟

الجواب:

إذا كانت الشركة ستملك العين ملكا تاما شرعيا: فلا بأس أن تقوم بتأجيرها على من اشترته منه، بشروط الإجارة المعتبرة شرعا، ما لم تكن هذه العملية تواطؤا منهما بالتحايل على استحلال الربا" انتهى من قرارات الهيئة الشرعية (2/ 148).

والحاصل: أن الصورة الأولى لا حرج فيها؛ لأن الأمر مجرد وعد بالاستئجار، بل لو فرض أنه كان على سبيل الشرط، فهو عقد صحيح كذلك، على القول الراجح.

ثانيا:

الجمع بين البيع والمزارعة، ولو على سبيل الاشتراط: صحيح أيضا، لما تقدم.

فيجوز أن تشتري الأرض، على أن تقوم الشركة البائعة بزراعة الأرض، مقابل أن يكون لها 20% من الإنتاج، ويكون لك الباقي، سواء كانت تكاليف الزراعة عليك، أو عليها، أو عليكما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما " المزارعة ": فإذا كان البذر من العامل، أو من رب الأرض، أو كان من شخص أرض، ومن آخر بذر، ومن ثالث: العمل؛ ففي ذلك روايتان عن أحمد.

والصواب: أنها تصح في ذلك كله. وأما إذا كان البذر من العامل، فهو أولى بالصحة مما إذا كان البذر من المالك" انتهى من مجموع الفتاوى (30/ 110).

والفقهاء لهم تفصيل فيما يلزم العامل، وما يلزم صاحب الأرض، والراجح أنه مهما اتفقا على شيء، قاطع للنزاع: فلا حرج.

قال في زاد المستقنع: " وَيَلْزَمُ العَامِلَ كُلُّ ما فِيهِ صلاحُ الثَّمَرَةِ، من حَرْثٍ وسَقْيٍ وزِبَارٍ وتَلقِيحٍ وتشْمِيسٍ وإِصْلاحِ موضعِهِ وطُرُقِ الماءِ وحصادٍ ونحوِه، وعلى ربِّ المَالِ ما يُصْلِحُهُ، كسَدِّ حَائِطٍ وإِجْرَاءِ الأَنْهَارِ والدُّولابِ وَنَحْوِهِ".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " لو قال قائل: أين في كتاب الله أو سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أن هذا عليه كذا، أو عليه كذا؟.

نقول: المرجع في ذلك إلى العرف، وذلك على القاعدة المعروفة:

وكُلُّ ما أَتَى ولَمْ يُحَدَّدِ    بالشَّرعِ كالحِرْزِ فبِالْعُرْفِ احْدُدِ

فإذا كان العرف مطرداً: فبها ونعمت، وهذا هو المطلوب، ونمشي على ما جرى عليه العرف.

وإذا لم يكن مطرداً: وجب على كل منهما أن يُبَيِّن للآخر ما عليه وما له، حتى لا يقع نزاع؛ لأنه من المعلوم أن المتعاقدين عند أول الدخول في العقد: يكون كل واحد منهما مشفقاً، وربما ينسى أو يتناسى بعض الشروط، ويقول: هذا هَيِّن، لكن نقول: هذا لا يجوز، فلا بد أن يكون الشيء واضحاً بيّناً؛ لأنه ربما يحدث نزاع، ثم لا نستطيع أن نؤلف بين الطرفين" انتهى من الشرح الممتع (9/ 456).

والحاصل: أن الصورتين المذكورتين جائزتان.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب