الثلاثاء 10 محرّم 1446 - 16 يوليو 2024
العربية

مسح على الجورب الشفاف ثم تبين له عدم الجواز، فماذا يفعل؟

308208

تاريخ النشر : 31-10-2023

المشاهدات : 1362

السؤال

مسحت على جورب شفاف ومخرم، ظناً أنه جائز؛ لأني قد قرأت فتوى قديماً بالجواز، وصليت صلوات يوم كامل، بحثت للتأكد، فرأيت أن الغالب عدم الجواز، فما مدى صحة صلواتي؟

الجواب

الحمد لله.

ذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يجوز المسح على الجوربين إلا إذا كانا ثخينين ، ولا تظهر القدم أو بعضها من تحتهما .

وذهب آخرون إلى جواز المسح على الجوربين وإن كانا رقيقين ، وقد حكي ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما ، ورجحه الشيخان : الألباني وابن عثيمين رحمهما الله .

ينظر جواب السؤال رقم: (228222).

والمسألة ليس فيها نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هي من مسائل الاجتهاد .

والمسائل الاجتهادية، إذا فعل المسلم أحد القولين بناء على فتوى سمعها –ثم تبين له رجحان القول الآخر- فإنه يعمل بالقول الآخر ، وما عمله فيما سبق على القول الأول فهو صحيح ، ولا يحتاج إلى إعادة .

قال الحجاوي رحمه الله فيمن تغير اجتهاده في تحديد اتجاه القبلة :

"ويصلي بالثاني ، ولا يقضي ما صلى بالأول" انتهى .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :

"قوله: وَيُصَلِّي بالثَّانِي، وَلاَ يَقْضِي ما صَلَّى بالأَوَّلِ، يُصلِّي أي: المجتهد بالثاني، أي: بالاجتهاد الثاني ولا يقضي ما صَلَّى بالأول أي: إذا تبيَّن له خطؤه؛ لأن الأول مبنيٌّ على اجتهاد قد أتى الإنسان بما يجب عليه فيه، ومن أتى بما يجب عليه لم يُلزم بإعادة العبادة، لأننا لو قلنا بلزوم الإعادة لأوجبنا عليه العبادة مرَّتين.

فإذا صَلَّى الظُّهر إلى الشمال معتقداً بحسب اجتهاده أن هذه هي القِبْلة، وفي العصر تبيَّن له أن القِبْلة نحو الجنوب فلا يُعيد الظُّهر؛ لأنه صلاَّها باجتهاد حسب ما أُمِرَ، والاجتهاد لا يُنقض باجتهاد.

ومثله: المسائل العِلميَّة، لو كان الإنسان يرى رأياً بناءً على أن هذا مقتضى النُّصوص، ثم بعد البحث والمناقشة والاطِّلاع تبيَّن له خلاف رأيه الأول، فإنه لا يلزمه نقض الحكم إن كان حاكماً به، ولا نقض الفتوى، فلا يلزمه أن يذهب إلى الذي أفتاه في الأول، ويقول: إني أفتيتك بكذا وتبيَّن لي أني أخطأت. لأنَّ الأول صادر عن اجتهاد، فلا يُنقض بالاجتهاد الثاني.

وإنما قلنا: لا يُنقض؛ لأنه كما كان الخطأ في اجتهاده الأول، يمكن أن يكون الخطأ في الثاني، فربما يكون الأول هو الصَّواب؛ وقد ظَنَّ أنَّ الثاني هو الصَّواب فلهذا قالوا: لا يُنقض الاجتهاد بالاجتهاد.

ورُويَ عن عمر رضي الله عنه في مسألة الحِمَاريَّة [مسألة مشهورة في المواريث ، وهي : زوج وأم وإخوة من الأم ، وإخوة أشقاء] أنَّه قضى فيها بحرمان الإخوة الأشقاء، ثم حدثت مرَّة أخرى وقضى فيها بالتَّشريك، فقيل له في ذلك، فقال: "ذلك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي" ، ولم ينقض الحكمَ الأولَ" انتهى من "الشرح الممتع" (2/288).

وعلى هذا ، فصلاتك السابقة صحيحة ، لأنها كانت مبنية على فتوى من يجيز ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب