الحمد لله.
أولا:
إذا كان الأمر كما ذكرت، من دخولكما التجارة على أن الربح بينكما مناصفة، وأنك طلبت من هذه الأخت إعطاءك ما لك في سنة 2014، فهذا يعني إنهاء الشركة في ذلك الوقت. والواجب عليها أن تجتهد وأن تراجع حساباتها لتعلم كم كان لديها من المال والبضاعة في ذلك الوقت؛ لأنها من كانت تحصّل المال، كما ذكرت، فيكون لك نصف النقود، ونصف البضاعة كذلك.
وإذا تعذر معرفة ذلك على وجه الدقة، فينبغي أن تتصالحا وأن تتغافرا عما تعذر علمه.
ثانيا:
إذا ثبت أن هذه الأخت قد تاجرت في نصيبك من بضاعة ونقود بعد ذلك التاريخ، إلى يومنا هذا، فقد أساءت بذلك وتعدّت، وكان تصرفها كالغاصب.
وأما ما ربحته من التجارة بمالك، ففيه خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يقول: الربح لصاحب المال، وهذا مذهب الحنابلة، ومنهم من يقول: بل للذي تاجر واستثمر، وهو مذهب المالكية والشافعية.
قال في "الإنصاف" (6/209) : " لو اتجر الوديعة : فالربح للمالك، على الصحيح من المذهب " انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " أودع عندي أحد الناس نقودا فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها وعندما جاءني صاحب المال رددت له ماله كاملا ولم أخبره بما استفدته من ماله ، هل تصرفي جائز أم لا ؟
فأجاب : إذا أودع عندك أحد وديعة، فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه ، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها .
فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه ، فإن سمح وإلا فأعطه ربح ماله ، أو اصطلح معه على النصف أو غيره ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/411).
والراجح أن الربح يقسم بينهما كمضاربة المثل، أي على ما هو متعارف بين الناس في المضاربة، كأن يكون لك 60% من الربح لأنك صاحب المال، ولها 40% لأنها بمنزلة العامل في المضاربة. وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال رحمه الله: "ومن اكتسب بهذه الأموال بتجارة ونحوها، فقيل: الربح لأرباب الأموال. وقيل: له إذا اشترى في ذمته. وقيل: بل يتصدقان به؛ لأنه ربح خبيث. وقيل: بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة، كما فعل عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنيه دون العسكر، وهذا أعدل الأقوال" انتهى من مجموع الفتاوى (30/29).
وقال: "أما المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء: ففيه أقوال للعلماء: هل النماء للمالك وحده؟ أو يتصدقان به؟ أو يكون بينهما كما يكون بينهما إذا عمل فيه بطريق المضاربة والمساقاة والمزارعة وكما يدفع الحيوان إلى من يعمل عليه بجزء من دره ونسله أو يكون للعامل أجرة مثله إن كانت عادتهم جارية بمثل ذلك كما فعل عمر بن الخطاب... وهو العدل؛ فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا، فلا يختص أحدهما بالربح، ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء؛ فإن الحق لهما لا يعدوهما؛ بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/322).
وينظر: جواب السؤال رقم : (142235) .
وهذا إذا كان لك بينة على أن هذه الأخت قد استثمرت عين مالك، أو اعترفت بذلك.
وأما إذا لم يكن لك بينة، وأنكرت هي ذلك، فليس لك إلا يمينها؛ لما روى مسلم (1711) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
ورواه البخاري (2668) عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاليَمِينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ".
وفي هذه الحالة: يكون لك أصل المال الذي تم تصفية الشركة بينكما عليه، حين تم طلب ذلك في 2014
والله أعلم.
تعليق