الأحد 28 جمادى الآخرة 1446 - 29 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم التسمية بـ أكبر و أعظم ، وما شابههما؟

311642

تاريخ النشر : 18-07-2019

المشاهدات : 22784

السؤال

أريد أن أعرف حكم التسمية بـ "أكبر" ، و "أعظم " ، و "أقدس" ، و "أحسن" ، و "أفضل " ونحو ذلك .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

دلت النصوص الشرعية على اعتناء الشريعة بالأسماء ، فرغبت في الأسماء الحسنة ، ونهت عن الأسماء القبيحة .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح إلى الحسن ، ونهى عن أسماء ، هي في الأصل حسنة ، لكنها من وجه - أو أكثر - مستكرهة .

فروى مسلم (2137) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا ، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا  .

وينظر جواب السؤال رقم : (7180) ، ورقم : (1692).

ثانيا:

هذه الأسماء المذكورة في السؤال احتوت على معان مخالفة للأدب المشروع  في باب الأسماء.

فالأسماء "أفضل" و "أحسن" و "أقدس" أي الأطهر.

ففيها من معاني التزكية للمسمى ما هو ظاهر، مخالف للأدب فيه .

وقد قال الله تعالى:  فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى  النجم/32 .

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ.

فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ 

فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا ؟

قَالَ:  سَمُّوهَا زَيْنَبَ  رواه مسلم (2142).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قال الطبري: لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب.

قلت: الثالث أخص من الأول.

قال: ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص، لا يقصد بها حقيقة الصفة، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحوّل الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا، قال: وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء " انتهى من "فتح الباري" (10 / 577).

كما أنّ هذه الأسماء تنافي خلق التواضع المأمور به، وتقرب صاحبها من الكبر والتعالى على الناس .

ثالثا:

وقد ورد ما يشير إلى النهي عن التسمي باسم "أكبر"، ويلحق به ما يشبهه ويماثله.

فروى البخاري في "التاريخ الكبير" (2 / 98) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (9 / 125) وفي "عمل اليوم والليلة" (ص 278)، وغيرهما، من حديث سَعِيد بْنِ مَرَوَانَ أَبي عُثْمَانَ الرَّهَاوِيّ عن عصام ابن بَشِيرٍ عَنْ أَبِيهِ:  أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ بَشِيرًا، وَكَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ   .

وسَعِيد بْنِ مَرَوَانَ ثقة، وأمّا عصام بن بشير، فقد ذكره ابن حبّان في "الثقات" (5 / 282)، وقال عنه الحافظ ابن حجر:

" مقبول" . "تقريب التهذيب" (ص 390).  أي حيث توبع؛ وإلا فهو ليّن الحديث.

وقد ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1 / 131) مستأنسا به، ولم ينص على ضعفه ولا على صحته.

والحديث رواه الحاكم في "المستدرك" (4 / 275)، وصححه، ووافقه الذهبي، لكن وقع في روايته أن اسمه كان "كَثِير".

ووقع اختلاف آخر في اسمه الذي غيره، فعند البخاري في "الأدب المفرد" (830) وأحمد في مسنده (21956- ط الرسالة): (زَحْم).

والذي ذكره أكثر الحفاظ أن اسمه كان "أكبر"، كما ذكره البخاري والنسائي كما سبق .

وكذا ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/54) ، والحافظ ابن حجر في "الإصابة" (1/107). وقال المزي في "تهذيب الكمال" (4/182) : " قيل : كان اسمه أكبر فسماه النبي صلى الله عليه وسلم بشيرا " انتهى .

والحاصل:

أنه يكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة : (أكبر) و(أطهر) و(أقدس)، لما فيها من التزكية الظاهرة، مع ما في صيغة التفضيل من المبالغة المذمومة في مثل هذا المقام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب