الحمد لله.
أولا:
إذا تذكر الإمام في الصلاة أنه محدث، فإنه ينصرف ويتوضأ ثم يعود إلى صلاته.
وللمأمومين أن يستمروا على الاقتداء الأول؛ لما روى الحسن عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه : "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ : مَكَانَكُمْ . ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ ، فَصَلَّى بِهِمْ ".
رواه أبو داود (233) ، وأحمد (5/41) ، وابن خزيمة (3/62) ، وابن حبان (6/5) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/94) والطحاوي في "بيان مشكل الآثار" (2/86) وفي بعض ألفاظه : ( وكبَّر).
قال ابن رجب في "فتح الباري" (3/ 599) : " وحديث الحسن عن أبي بكرة في معنى المرسل؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي بكرة عند الإمام أحمد والأكثرين من المتقدمين " انتهى .
وقال رحمه الله في "فتح الباري" (3/600-602): " وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على ما مضى من تكبيرة الإحرام وهو ناس لجنابته.
فلم يبق إلا أحد وجهين :
أحدهما : أن يكون صلى الله عليه وسلم لما رجع كبر للإحرام ، وكبر الناس معه .
والثاني : أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استأنف تكبيرة الإحرام ، وبنى الناس خلفه على تكبيرهم الماضي .
وهذا هو الذي أشار إليه الشافعي ، وجعله عمدة على صحة صلاة المتطهر خلف إمام صلى محدثاً ناسياً لحدثه .
قال ابن عبد البر : وقد وافق الشافعي على ذلك بعض أصحاب مالك .
وعن الإمام أحمد في ابتداء المأمومين، وإتمامهم الصلاة، إذا اقتدوا بمن نسي حدثه ، ثم علم به في أثناء صلاته – روايتان .
وروي عن الحسن ، أنهم يتمون صلاتهم .
ومذهب الشافعي : لا فرق بين أن يكون الإمام ناسياً لحدثه ، أو ذاكراً له ؛ إذا لم يعلم المأموم ، أنه لا إعادة على المأموم .
وهو قول ابن نافع من المالكية ، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث.
وعن مالك وأحمد : على المأموم الإعادة .
وقال حماد وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري- في أشهر الروايتين عنه - : يعيد المأموم ، وإن كان الإمام ناسياً ولم يذكر حتى فرغ من صلاته " انتهى باختصار .
ثانيا:
إذا كان بأعضاء الوضوء مرض أو جرح لا يمكن غسله ، ولا مسحه بالماء ، ولم يكن عليه جبيرة أو لاصق يمسح عليه: فإنه يغسل أعضاءه الصحيحة ويتيمم عن هذا الموضع.
وعليه؛ فإذا كان الإمام نسي الوضوء والتيمم، أو كان يظن أن مرضه في قدمه يعفيه من الوضوء، فإن خروجه إلى التيمم فقط لا يكفيه، وصلاته لا تصح، والواجب عليه في مثل هذا أن يخرج فيغسل الصحيح ويتيمم عن المريض.
وأما المأمومون: فصلاتهم صحيحه؛ لأن غاية الأمر أن الإمام صلى محدثا وهم لا يعلمون حدثه.
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا صلى الإمام بالجماعة محدثا , أو جنبا , غير عالم بحدثه , فلم يعلم هو ولا المأمومون , حتى فرغوا من الصلاة , فصلاتهم صحيحة , وصلاة الإمام باطلة . روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم , وبه قال مالك والشافعي .
روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح , ثم وجد في ثوبه احتلاما , فأعاد ولم يعيدوا .
وصلى عثمان رضي الله عنه بالناس صلاة الفجر ، فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة، فأعاد الصلاة ، ولم يأمرهم أن يعيدوا .
وعن علي رضي الله عنه أنه قال : إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة، آمرُه أن يغتسل ويعيد , ولا آمرهم أن يعيدوا .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى بهم الغداة , ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء , فأعاد ولم يعيدوا . رواه كله الأثرم " انتهى من "المغني" (1/419) بتصرف .
وينظر: جواب السؤال رقم : (27091) ، ورقم : (85011) .
وأما عن اكتفائه بالتيمم على الجدار: ففيه أيضا نظر، وتفصيل، لغلبة الجدران المطلية بالبوية، ونحوها، في المساجد، وهذه لا يكون فيها عادة التراب الذي يصح التيمم به.
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (264397) ، ورقم : (36774) .
والحاصل:
أن صلاة المأمومين صحيحة.
وصلاة الإمام فيها نظر، وتفصيل، وينبغي عليه هو أن يتحرى حاله، ويسأل لنفسه.
والله أعلم.
تعليق