الحمد لله.
أولا:
يجوز الزواج من الكتابية (اليهودية أو النصرانية) إذا كانت محصنة، أي عفيفة عن الزنا؛ لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ المائدة/5.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " وهو قول الجمهور ههنا ، وهو الأشبه ؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة ؛ فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : حشف وسوء كيل !!
والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات : العفيفات عن الزنا ، كما قال تعالى في الآية الأخرى: ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَان ٍ) النساء/25 . انتهى .
وقال القرطبي في تفسيره (6/ 79): "وروي عن ابن عباس أنه قال: (المحصنات) العفيفات العاقلات. وقال الشعبي: هو أن تحصن فرجها فلا تزني، وتغتسل من الجنابة" انتهى.
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/ 316): ": يجوز للمسلم أن ينكح المحصنات من النصرانيات واليهوديات، لعموم قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ الآية.
والمحصنة هي المرأة العفيفة، وهي التي لا تعرف الزنا.
وأما غير الكتابيات من الهندوس والسيخ وغيرهن من الوثنيات والملحدات: فلا يجوز للمسلم نكاحهن؛ لعموم قوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ...
وينبغي أن يعلم أن نكاح المسلم للمسلمات المحصنات : أولى وأحق من نكاحه للمحصنات من أهل الكتاب، وأبعد عن الفتنة وأحفظ له ولأولاده من العواقب الخطيرة" انتهى.
وأما كونها تتبرج بزينتها، أو تنشر صورها كذلك، فهذا لا يبطل نكاحها، كما لا يبطل نكاح المسلمة إذا فعلت ذلك.
ثانيا:
الزواج من كتابية في بلاد الكفار قد يؤدي إلى تسلطها على الأولاد وتغيير دينهم، ولهذا فهو زواج محفوف بالمخاطر، وما لم يجد المسلم وسيلة لحماية أولاده ، ومنع تنصيرهم أو تهويدهم- فيما لو أرادت الزوجة ذلك- فإنه لا يقدم على هذا النكاح.
وقد نص الفقهاء على كراهته مع وجود المحصنات المؤمنات.
قال في "كشاف القناع"(5/ 84): "(والأولى أن لا يتزوج من نسائهم . وقال الشيخ: يكره) .
أي مع وجود الحرائر المسلمات. قال في الاختيارات: وقاله القاضي ، وأكثر العلماء؛ لقول عمر للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلقوهن " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "فإذا كانت الكتابية معروفة بالعفة ، والبعد عن وسائل الفواحش: جاز؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم.
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن ، وقد يسبب ذلك تنصر أولاده.
فالخطر كبير، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها، ولأنها لا تؤمن في نفسها ، في الغالب ، من الوقوع في الفاحشة، وأن تعلّق عليه أولادا من غيره ...
لكن إن احتاج إلى ذلك : فلا بأس ، حتى يُعف بها فرجه ، ويغض بها بصره، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام، والحذر من شرها ، وأن تجره هي إلى الكفر أو تجر الأولاد" انتهى نقلا عن: "فتاوى إسلامية" (3/ 172).
ولينظر العاقل لأمر عرضه، وفراشه: هل من المروءة والنزاهة: أن يتزوج امرأة ، تنشر صورا ، يقول الناس عنها : إنها خليعة ؟!!
وهل هذه هي المرأة التي يرضاها لنفسه، ويرضاها أما لأبنائها ؟!
هذا ، لو كانت مسلمة ، لقلنا له : اظفر بذات الدين تربت يداك ؛ فكيف لو كانت كتابية؟!
اظفر بذات الدين، يا عبد الله، تربت يداك!!
والله أعلم.
تعليق