الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

مكان قوم نوح عليه السلام

315568

تاريخ النشر : 28-09-2019

المشاهدات : 71567

السؤال

أين كان مسكن قوم النبي نوح عليه السلام ، فقد قرأت أن موطن قوم النبي نوح عليه السلام في اليمن ، وأن ابنه سام بن نوح عاش باليمن ، وبنى حضارتها ، وأن اليمن هي أصل البشر في الارض ، وهناك من يورد هذه الآية في سورة الأعراف ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا :

الأصل أن يهتم المؤمن بما يعود عليه بالنفع في دينه أو دنياه ، وأما تكلف السؤال عن أمور لم يأتنا بتفصيلها خبر ، ولا صح عندنا بها أثر، ولا يترتب على العلم بها منفعة ، ولا على الجهل بها مضرة: فهذا أقرب إلى التكلف المنهي عنه، والانشغال بما ينفع العبد في دينه، ولا دنياه.

وإنما ينشغل بمثل هذا أهل الاختصاص بالآثار، والحفريات ، ونحو ذلك.

وأما المتشرعون: فإنما همتهم فيما يعود عليهم بالنفع، في دينهم، ودنياهم.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (103889) ، ورقم : (309003) .

وقد ذكر الإمام الطبري رحمه الله، في تفسير قول الله تعالى: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) البقرة/213 ، واختلاف المفسرين في ذلك الزمان الذي اختلف فيه الناس ، بعد أبيهم آدم ، عليه السلام، ثم قال:

" وقد يجوز أن يكون ذلك الوقت الذي كانوا فيه أمة واحدة: من عهد آدم إلى عهد نوح عليهما السلام، كما روى عكرمة، عن ابن عباس، وكما قاله قتادة.

وجائز أن يكون كان ذلك: حين عرض على آدم خلقه.

وجائز أن يكون كان ذلك في وقت غير ذلك.

ولا دلالة من كتاب الله ، ولا خبر بثبت به الحجة على أي هذه الأوقات كان ذلك.

فغير جائز أن نقول فيه ، إلا ما قال الله عز وجل ، من أن الناس كانوا أمة واحدة، فبعث الله فيهم لما اختلفوا الأنبياء، والرسل.

ولا يضرنا الجهل بوقت ذلك، كما لا ينفعنا العلم به، إذ لم يكن العلم به لله طاعة.

غير أنه أي ذلك كان، فإن دليل القرآن واضح على أن الذين أخبر الله عنهم أنهم كانوا أمة واحدة، إنما كانوا أمة واحدة على الإيمان ودين الحق، دون الكفر بالله والشرك به. وذلك أن الله جل وعز قال في السورة التي يذكر فيها يونس: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون [يونس: 19] ؛ فتوعد جل ذكره على الاختلاف، لا على الاجتماع، ولا على كونهم أمة واحدة.

ولو كان اجتماعهم قبل الاختلاف كان على الكفر، ثم كان الاختلاف بعد ذلك، لم يكن إلا بانتقال بعضهم إلى الإيمان، ولو كان ذلك كذلك ، لكان الوعد أولى بحكمته جل ثناؤه، في ذلك الحال، من الوعيد؛ لأنها حال إنابة بعضهم إلى طاعته، ومحال أن يتوعد في حال التوبة، والإنابة، ويترك ذلك في حال اجتماع الجميع على الكفر والشرك." انتهى، من "تفسير الطبري" (4/279-280).

وأما عن خصوص هذه القصة: فهذا زمن موغل في القدم ، ولا يقين لنا إلا بما أخبرنا الله به ، وما أخبرنا الله به عن قصة نوح عليه السلام سبق ذكره في جواب السؤال رقم : (10470).

ثالثًا :

ذكر العلماء أن قوم نوح عليه السلام  كانوا " يَسْكُنُونَ الْجَزِيرَةَ وَالْعِرَاقَ ، حَسَبَ ظَنِّ الْمُؤَرِّخِينَ "، انظر : "التحرير والتنوير" (8/ 188).

قال "ابن خلدون" في "التاريخ" (2/ 6): " واتفقوا على أنّ الطوفان الّذي كان في زمن نوح، وبدعوته: ذهب بعمران الأرض أجمع، بما كان من خراب المعمور، ومهلك الذين ركبوا معه في السفينة ، ولم يُعْقِبوا، فصار أهل الأرض كلّهم من نسله ، وعاد أبًا ثانيًا للخليقة "، انتهى .

وقال (2/ 8) : " ثم اتفق النسابون ونقلةُ المفسرين على أنّ ولد نوح الذين تفرّعت الأمم منهم ثلاثة:

سام وحام ويافث، وقد وقع ذكرهم في التوراة، وأنّ يافث أكبرهم، وحام الأصغر، وسام الأوسط.

وخرّج الطبري في الباب أحاديث مرفوعة بمثل ذلك، وأنّ سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش والزنج وفي بعضها السودان.

وفي بعضها سام أبو العرب وفارس والروم، ويافث أبو التّرك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وحام أبو القبط والسودان والبربر.

ومثله عن ابن المسيّب ووهب بن منبّه.

وهذه الأحاديث وإن صحّت فإنّما الأنساب فيها مجملة "، انتهى .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب