الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

قبول المال من الأم

315629

تاريخ النشر : 13-10-2019

المشاهدات : 2446

السؤال

أمنا ميسورة الحال والحمد لله ، وأعطتنى مبلغا عند زواجى عونا لى على الزواج ، ولشراء سكن لأسرتى ، ولكنى أنفقت من هذا المبلغ لاحتياجات الزواج والمعيشة بعد ذلك ، ثم احتجت لشراء السكن ، ووعدتنى بإعطائى مبلغا لأكمل سعر السكن الذى ارتفع حاليا ، وحاجته ضرورية لى لأسرتى ، فهل هذا المال لى يعتبر نفقة مقبولة ، مع العلم إنها تعطى لى ولإخوانى حسب احتياجاتنا ؟ فهل أقبل المال أم لابد لها من إعطاء الجميع ، وهى تخاف من ظلم أحد ، ولكن ظروفنا المادية مختلفة ، فهل هذا جائز ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الواجب على الوالدين أن يعدلا فيما يعطيانه لأولادهما ، فلا يجوز أن يفضلا بعض الأولاد على بعض ، أو يعطوا بعض الأولاد أكثر من الآخرين ، لما رواه البخاري (2398) ، ومسلم (3055) عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  اتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ  .

وينظر جواب السؤال رقم : (22169) ، ورقم : (145050) .

ثانيا :

ينبغي التفريق فيما يعطيه الوالد لولده بين النفقة ، والهبة أو العطية التي لا سبب لها .

فالعدل في الهبة والعطية: أن يُعطى جميع الأولاد ، ويكون للذكر ضعف الأنثى ، كالميراث.

أما العدل في النفقة فهو أن يعطي كل واحد من الأولاد بقدر كفايته ، ولا تعتبر المساواة بينهم في ذلك.

وحينئذ يفرق بين المحتاج منهم وغير المحتاج ، فالمحتاج يعطي بقدر حاجته ، وغير المحتاج لا يعطي شيئا .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله منبها على الفرق بين النفقة والعطية :

" فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس ويحتاج إلى نفقة للمدرسة، من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك ، والآخر لا يقرأ ، وهو أكبر منه لكنه لا يحتاج ، فهل إذا أعطى الأول يجب أن يعطي الثاني مثله ؟

الجواب : لا يجب ؛ لأن التعديل في الإنفاق يعني أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه .

مثاله : لو احتاج الولد الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال ، واحتاجت الأنثى إلى قروط في الآذان قيمتها ألف ريال ، فما هو العدل ؟

الجواب : العدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال ، ويشتري للأنثى القروط بألف ريال أضعاف الذكر عشر مرات ، هذا هو التعديل .

مثال آخر : إذا احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج ، فما العدل ؟

الجواب : أن يعطى من يحتاج إلى التزويج ولا يعطى الآخر" انتهى من "الشرح الممتع" (4/599) .

وبناء على هذا ، فما أخذته من والدتك لاحتياجات الزواج، لا حرج عليكما فيه ، ما دمت محتاجا إليه ، وكانت والدتك تعطي جميع إخوتك ما يحتاجون إليه .

أما إعطاؤك مالا لشراء مسكن ، فهذا لا يجوز إلا أن تعطي سائر إخوانك الذكور مثله ، وتعطي الإناث نصفه ، لأن في هذا تفضيلا لك عليهم .

والحاجة إلى المسكن تندفع بالإيجار ، فليس من شرط ذلك أن يكون المسكن ملكا لك .

فإن كان راتبك لا يكفي لدفع الإيجار ، فأمام والدتك أحد خيارين ، وهما :

إما أن تعطيك إيجار المسكن .

وإما أن تشتري مسكنا يكون ملكا لها ، وتسكنه أنت مجانا ، حتى ييسر الله لك أمرك ، ويوسع عليك رزقه .

ويكون المسكن ملكا لوالدتك ، وليس ملكا لك .

سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : إذا كان الابن الكبير يحتاج إلى سيارة ، فهل أشتري له سيارة ؟

فأجاب :

"أشتري سيارة لي وباسمي وأمنحه إياها ينتفع بها، لأنه محتاج للانتفاع فقط ، وليس لعين السيارة، فالسيارة تكون باسمي والانتفاع له، لأني لو ملكته إياها، معناه أني أعطيته ما لا يحتاج، ولهذا ينبغي للناس ألا يعطوا للذي يحتاج السيارة سيارة ، بل يقال: أنا أشتري السيارة وأعطيك إياها، انتفع بها ، اذهب بها للمدرسة ، اذهب بها لغرضك ، وهي باسمي، إذا مت تكون لي أنا، ما تكون لك أنت" انتهى .

وإذا رضي الإخوة جميعا – وكانوا راشدين بالغين- بتفضيل أحدهم عليهم ، فلا حرج في ذلك ، بشرط أن يكون رضاهم حقيقيا ، وليس إكراها أو حياء من الوالدين .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث ، ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية، إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين ، ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم ، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من الوالد ، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال ، وأطيب للقلوب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله ، واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته " انتهى من" فتاوى الشيخ ابن باز " (20/51).

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (119655) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب