الجمعة 12 صفر 1446 - 16 اغسطس 2024
العربية

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ).

319378

تاريخ النشر : 31-10-2023

المشاهدات : 2480

السؤال

يستدل العلماء بهذه الآية: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) التوبة/54، على بطلان عمل الكفار سواء كانت الأعمال متعدية كالنفقات أو غير متعدية كالصلاة، فى هذه الآية اشترط الله عز وجل ثلاثة شروط لبطلان عمل الكافر، وهي: الكفر بالله و رسوله، إتيان الصلاة وهم كسالى، النفقة وهم كارهون. فهل جميع هذه الشروط معتبرة، أم المعتبر هو الشرط الأول فقط، فمثلا: لو كان الرجل مؤمنا لكن يأتى الصلاة وهو كسلان، فهل يقبل عمله، أو ينفق وهو كاره، فهل يقبل عمله؟ وإذا كان كافرا لكن يصلى بدون كسل، وينفق منشرح الصدر فهل يقبل عمله؟ وإذا كان المعتبر الشرط الأول فقط، فلماذا ذكر الله عز وجل إتيان الصلاة مع الكسل والنفقة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

قال الله تعالى : وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ التوبة/54.

فكفرهم بالله تعالى هو السبب في رد أعمالهم ، وذكرت الآية الكريمة عملين هما من ثمرات كفرهم ، وهما : أنهم لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ، ولا ينفقون إلا وهم كارهون ، وذلك لأن المنافق لا يرجو ثواب الآخرة ، لأنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، فلا يصلي إلا إذا كان مع المؤمنين ، فإذا انفرد في بيته لم يصل ،  ولا ينفق إلا أمام المؤمنين ، فإذا انفرد لم ينفق .

قال الشنقيطي رحمه الله في "العذب المنير" (5/568- 575) :

"فَصَرَّحَ بأن المبطلَ للأعمالِ هو صريحُ الكفرِ. وهذا معنَى قولِه: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ ... فإيضاحُ المعنَى: ما مَنَعَ قبولَ النفقاتِ منهم إلا كفرُهم بِاللَّهِ....

وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاةَ هي هذه الصلاةُ المكتوبةُ، أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى إلا والحالُ هم كُسَالَى، وَالْكُسَالَى جمعُ الكسلانِ: المتكاسلُ عنها الذي هي ثقيلةٌ عليه؛ لأَنَّ اللَّهَ يقولُ: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ؛ لأَنَّ الصلاةَ لاَ تَخِفُّ إلا على مَنْ يريدُ جزاءَ اللَّهِ وثوابَه، أما المنافقونَ والذين لا إيمانَ لهم، فَهِيَ أثقلُ شيءٍ عليهم؛ وَلِذَا لا يأتونَها إلا متكاسلينَ في غايةِ الكسلِ يُرَاؤُونَ الناسَ، ولو كانوا بانفرادِهم لاَ يَطَّلِعُ عليهم الناسُ لَمَّا صَلَّوْهَا، كما تَقَدَّمَ في قولِه تعالى في سورةِ النساءِ: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ هذه حالةُ المنافقينَ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ.

وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ معناه: أن المنافقينَ لا يُخْرِجُونَ نفقةً طيبةً بها أنفسُهم، ولا يخرجونَها إلا كُرْهًا لئلا يطلعَ المسلمونَ على نِفَاقِهِمْ، فَيُجْرُوا عليهم أحكامَ الكفرةِ.

وبهذا تَعْلَمُ أن قولَه: قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا أنهم كارهونَ على كُلِّ حالٍ، وأن المرادَ بالآيةِ تسويةُ جميعِ الحالاتِ، الحالةُ الواقعةُ وغيرُها أنهم لا فائدةَ لهم في ذلك. وهذا معنَى قولِه: وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ أَيْ: كَارِهُونَ ذلك الإنفاقَ؛ لأنهم لا يطلبونَ ما عِنْدَ اللَّهِ ولاَ يَرْجُونَ عاقبةً ولا جزاءً مِنَ اللَّهِ، فالإنفاقُ في سبيلِ اللَّهِ يَعُدُّونَهُ مَغْرَمًا ويكرهونَه غايةَ الْكُرْهِ" انتهى.

وقال القرطبي (8/163) :

"قوله تعالى: (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) قال ابن عباس: إن كان في جماعة صلى وإن انفرد لم يصل، وهو الذي لا يرجو على الصلاة ثوابا ولا يخشى في تركها عقابا" انتهى.

وقال البغوي رحمه الله في تفسيره (4/58) :

"وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى متثاقلون؛ لأنهم لا يرجون على أدائها ثوابا، ولا يخافون على تركها عقابا، فإن قيل: كيف ذم الكسل في الصلاة ولا صلاة لهم أصلا؟ قيل: الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل، فإن الكفر مكسِّل، والإيمان منشِّط، وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ لأنهم يعدونها مغرما ومنعها مغنما" انتهى.

وقال أبو حيان في "البحر المحيط" :

" ذكر السبب الذي هو بمفرده مانع من قبول نفقاتهم، وهو الكفر ، وأتبعه بما هو ناشئ عن الكفر، ومستلزَم له، وهو دليل عليه؛ وذلك هو إتيان الصلاة وهم كسالى ، وإيتاء النفقة وهم كارهون . فالكسل في الصلاة وترك النشاط إليها وأخذها بالإقبال: من ثمرات الكفر ، فإيقاعها عندهم لا يرجون به ثواباً ، ولا يخافون بالتفريط فيها عقاباً . وكذلك الإنفاق للأموال: لا يكرهون ذلك إلا وهم لا يرجون به ثواباً .

وذكر من أعمال البر هذين العملين الجليلين، وهما الصلاة والنفقة ، واكتفى بهما، وإن كانوا أفسد حالاً في سائر أعمال البر ؛ لأنّ الصلاة أشرف الأعمال البدنية ، والنفقة في سبيل الله أشرف الأعمال المالية ، وهما وصفان المطلوب إظهارهما في الإسلام ، ويستدل بهما على الإيمان ، وتعداد القبائح يزيد الموصوف بها ذماً وتقبيحاً" انتهى .

وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله في تفسير "المنار" (10/416) :

"(وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ): فَفِعْلِهِمْ لِهَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، اللَّذَيْنِ هُمَا أَظْهَرُ آيَاتِ الْإِيمَانِ، لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَهُمَا رِيَاءً وَتَقِيَّةً، لَا إِيمَانًا بِوُجُوبِهِمَا، وَلَا قَصْدًا إِلَى تَكْمِيلِ أَنْفُسِهِمْ بِمَا شَرَعَهُمَا اللهُ لِأَجْلِهِ، وَاحْتِسَابًا لِأَجْرِهِمَا عِنْدَهُ ، أَمَّا الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتُونَهَا إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى، أَيْ: فِي حَالِ الْكَسَلِ وَالتَّثَاقُلِ مِنْهَا، فَلَا تَنْشَطُ لَهَا أَبْدَانُهُمْ، وَلَا تَنْشَرِحُ لَهَا صُدُورُهُمْ، زَادَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: (يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا) ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، لَا بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِصُورَتِهَا، وَوَصْفِهِمْ بِالْخُشُوعِ فِيهَا، وَهُوَ يُنَافِي الْكَسَلَ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَيْهَا، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ؛ لِيَعْلَمَ هَلْ صَلَاتُهُ صَلَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، أَمْ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ؟ .

وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فِي مَصَالِحِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهَا، فَلَا يُؤْتُونَهُ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ لَهُ، غَيْر طَيِّبَةٍ أَنْفُسُهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ هَذِهِ النَّفَقَاتِ مَغَارِمَ مَضْرُوبَةً عَلَيْهِمْ، تَقُومُ بِهَا مَرَافِقُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ، فَلَا يَرَوْنَ لَهُمْ بِهَا نَفْعًا فِي الدُّنْيَا، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِنَفْعِهَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ.

وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْكُفْرَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي عَدَمِ قَبُولِ نَفَقَاتِهِمْ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى وَصْفِهِمْ بِالْكَسَلِ عِنْدَ إِتْيَانِ الصَّلَاةِ، وَكُرْهِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نَفَقَاتِ الْبِرِّ؛ وَتَمَحَّلَ الْجَوَابُ عَنْهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ أَوِ الْأَشْعَرِيَّةِ؟

فَإِنَّ وَصْفَهُمَا بِمَا ذُكِرَ: تَقْرِيرٌ لِكُفْرِهِمْ، وَدَفْعٌ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ" انتهى.

ثانيا :

أما الكافر إذا صلى بدون كسل ، أو أنفق وهو منشرح الصدر ، فهذا لا ثواب له في الآخرة ، لأن الكفر مانع من قبول الأعمال ، والإيمان شرط لقبولها ، قال الله تعالى : وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا الإسراء/19.

قال الشنقيطي رحمه الله :

"ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا ؛ أي عمل لها عملها الذي تنال به ، وهو امتثال أمر الله ، واجتناب نهيه بإخلاص على الوجه المشروع وَهُوَ مُؤْمِنٌ ؛ أي موحد لله جل وعلا ، غير مشرك به ولا كافر له ، فإن الله يشكر سعيه ، بأن يثيبه الثواب الجزيل عن عمله القليل .

وفي الآية الدليل على أن الأعمال الصالحة لا تنفع إلا مع الإيمان بالله ، لأن الكفر سيئة لا تنفع معها حسنة ، لأنه شرط في ذلك قوله وَهُوَ مُؤْمِنٌ .

وقد أوضح تعالى هذا في آيات كثيرة . كقوله : وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات مِن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً [ النساء : 124 ] ، وقوله : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [ النحل : 97 ] وقوله : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [ غافر : 40 ] إلى غير ذلك من الآيات .

ومفهوم هذه الآيات - أن غير المؤمنين إذا أطاع الله بإخلاص لا ينفعه ذلك . لفقد شرط القبول الذي هو الإيمان بالله جل وعلا .

وقد أوضح جل وعلا هذا المفهوم في آيات آخر . كقوله في أعمال غير المؤمنين : وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً [ الفرقان : 23 ] ، وقوله : مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [ إبراهيم : 18 ] الآية ، وقوله : والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً [ النور : 39 ] الآية ، إلى غير من الآيات .

وقد بين جل وعلا في مواضع أخر : أن عمل الكافر الذي يتقرب به إلى الله يجازى به في الدنيا ، ولا حظّ له منه في الآخرة . كقوله : مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [ هود : 15-16 ] ، وقوله تعالى : مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ [ الشورى: 20].

وثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم نحو ما جاءت به هذه الآيات: من انتفاع الكافر بعمله في الدنيا ، روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة . وأَمَّا الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها" انتهى من "أضواء البيان" (3/165) .

مع أن هذا غير متصور في الصلاة ، (أن يقوم الكافر إلى الصلاة نشيطا)؛ إذ كيف يصلي الكافر نشيطا يرجو ثواب الآخرة وهو غير مؤمن بالله واليوم الآخر !

وقد يتصور ذلك في الصدقة ، فقد يكون الكافر موصوفا بالرقة أو الرحمة، فيصل الرحم ويتصدق  على المساكين ... ونحو ذلك ، فهذا لا ثواب له في الآخرة ، كما تقدم ، ولكنه يُجزَى بحسناته في الدنيا ، كما دل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه المتقدم .

ثالثا :

وأما المؤمن إذا قام إلى الصلاة وهو كسلان، فهو فعل مذموم بلا شك ، وفيه شبه بالمنافقين ، وهو على خطر عظيم .

وأما النفقة ، فإذا كان لا ينفق إلا كارها ، فإن نفقته لا تقبل ، ولا ثواب له فيها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ ) رواه النسائي (3140) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (52).

ولذلك من منع زكاته وأخذها الإمام منه قهرا فإنه لا ثواب له فيها ، بل يستحق العقاب في الآخرة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"هل إذا أخذت الزكاة من البخيل تبرأ بها ذمته؟

الجواب: أما ظاهراً، فإنها تبرأ بها ذمته فلا نطالبه بها مرة ثانية، وأما باطناً فإنها لا تبرأ ذمته، ولا تجزئه؛ لأنه لم ينو بها التقرب إلى الله، وإبراء ذمته من حق الله، ولذلك فإنه يعاقب على ذلك معاقبة من لم تؤخذ منه؛ لأنها أخرجت بغير اختيار منه، فإذا تاب من ذلك فإن من توبته أن يخرجها مرة ثانية" انتهى من "الشرح الممتع" (6/199) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب