الحمد لله.
أولاً:
الواجب على العبد أن يصلى كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعًا ، لقول الله تعالى : إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً النساء/103 .
ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها بغير عذر ، وقد توعد الله تعالى الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، فقال : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الماعون/ 4، 5.
ولكن إذا كان تأخير الصلاة عن وقتها لعذر : فلا حرج على الإنسان ، إذا بذل جهده واتخذ من الأسباب ما يعينه على أدائها في وقتها من اتخاذ منبه ، وتوصية من عنده بإيقاظه للصلاة ، ونحو ذلك .
وينظر لمزيد من التفصيل جواب السؤال رقم : (46562)، (111783).
ثانيًا:
اختلف الفقهاء في حكم الأذان والإقامة للصلاة الفائتة :
فذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة ، وهو الأظهرُ عند الشافعيَّة ، والحنابلة ، وقولٌ عند المالكيَّة ، وهو قولُ أبي ثورٍ ، وداودَ الظاهريِّ إلى أنه يُشرَعُ الأذانُ والإقامةُ عندَ قضاءِ الفائتةِ .
وينظر : "تبيين الحقائق" للزيلعي (1 /92)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (1 /86)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2 /71)، و"المجموع" للنووي (3 /84)، و"الإنصاف" للمرداوي (1 /288).
واستدلوا بما روى البخاري (595)، ومسلم (681)، والنسائي (846) واللفظ له عن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ .
قَالَ بِلَالٌ : أَنَا أَحْفَظُكُمْ .
فَاضْطَجَعُوا ، فَنَامُوا ، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ ، فَقَالَ : يَا بِلَالُ ، أَيْنَ مَا قُلْتَ ؟ .
قَالَ : مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ !
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، فَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ ، قُمْ يَا بِلَالُ فَآذِنْ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ .
فَقَامَ بِلَالٌ ، فَأَذَّنَ فَتَوَضَّؤوا - يَعْنِي : حِينَ ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ- ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِهِمْ " انتهى .
وقد بوب البخاري على هذا الحديث : " بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ " انتهى .
وقال ابن رجب في "فتح الباري" (5/ 106) : " وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يا بلال ، قم فأذن للناس بالصلاة ) دليل على أن الصلاة الفائتة يؤذن لها بعد وقتها عند فعلها " انتهى .
واحتجوا أيضًا بما جاء عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه ، قال : " إنَّ المشركينَ شَغَلوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أربعِ صلواتٍ يومَ الخندقِ ، حتى ذهَب من اللَّيلِ ما شاء اللهُ ، فأمَرَ بلالًا فأذَّن ، ثم أقام فَصلَّى الظهرَ ، ثم أقام فصلَّى العصرَ ، ثم أقام فصلَّى المغْرِبَ ، ثم أقامَ فصلَّى العِشاءَ " .
رواه الترمذي (179)، والنسائي (662)، وأحمد (3555) قال الذهبي في "تنقيح التحقيق" (1/120): إسناده صالح. وحسَّنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (179).
وقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه دخل المسجد وقد صلوا ، فأمر رجلاً فأذن وأقام. رواه البخاري تعليقاً ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/250) . وصححه الألباني في "تمام المنة" (ص 150) .
وقال سعيد بن المسيب، في القوم ينتهون إلى المسجد وقد صلي فيه ، قال : يؤذنون ويقيمون .
وينظر: "مغني المحتاج" (1/318) ، والنووي في "المجموع" (3/93) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : من نام عن صلاة ، هل يؤذن لها ؟
فأجاب : " القاعدة الأذان ، إذا كان قد خرج الوقت . أما إذا كان في الوقت فقد أذن الناس ويكفي ، ويقيم ، والحمد لله . أما إذا استيقظ بعد الشمس فالسُّنة أن يؤذن ويقيم " انتهى .
وينظر : https://bit.ly/2ZVHYpk
ولا فرق بين الحضر والسفر في ذلك .
قال ابن قدامة في "المغني" (2 /74) : "والأفضل لكل مصلٍّ أن يؤذن ويقيم ، إلا إن كان يصلي قضاءً ، أو في غير وقت الأذان : لم يجهر به " انتهى .
ومن اقتصر على الإقامة فقط فلا شيء عليه .
قال ابن قدامة (2/79) : " ومن دخل مسجدًا قد صلي فيه ، فإن شاء أذن وأقام . نص عليه أحمد...
وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة ؛ فإن عروة قال : إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا ، فإن أذانهم وإقامتهم تجزئ عمن جاء بعدهم . وهذا قول الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، إلا أن الحسن ، قال : كان أحب إليهم أن يقيم .
وإذا أذن: فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به ، ليغر الناس بالأذان في غير محله " انتهى.
والله أعلم.
تعليق