الحمد لله.
أولا:
إذا كان البول ينقطع بعد مدة من قضاء الحاجة، زمنا يتسع للطهارة والصلاة، فلست صاحب سلس، وليس لك الوضوء بعد دخول الوقت، بل يلزمك الوضوء والصلاة بعد انقطاع البول، وينبغي أن تقضي حاجتك قبل الوقت بمدة كافية حتى تدرك صلاة الجماعة، ولا يضر لو صليت مع شعورك بالرغبة في التبول.
قال في "الدر المختار" ص45 (حنفي) : " (وصاحب عذر : من به سلس) بول لا يمكنه إمساكه ، (أو استطلاق بطن ، أو انفلات ريح ، أو استحاضة) ... وكذا كل ما يخرج بوجع ، ولو من أذن وثدي وسرة : (إن استوعب عذره تمام وقت صلاة مفروضة) ، بأن لا يجد في جميع وقتها زمنا يتوضأ ويصلي فيه ، خاليا عن الحدث ، (ولو حكما) ، لأن الانقطاع اليسير ملحق بالعدم ، (وهذا شرط) العذر (في حق الابتداء، وفي) حق (البقاء : كَفَى وجودُه في جزء من الوقت) ، ولو مرة" انتهى.
وقال في "مطالب أولي النهى" (1/ 266) (حنبلي) : " (وإن اعتيد انقطاع حدثٍ) دائمٍ ، (زمنا يتسع للفعل) أي: الصلاة والطهارة لها (فيه) ، أي الزمن : (تعيّن) فعل المفروضة فيه ... ؛ لأنه قد أمكنه الإتيان بها ، على وجه لا عذر معه ولا ضرورة، فتعيّن ؛ كمن لا عذر له " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 408) ما نصه: " س: رجل مصاب بسلس في البول، يطهر بعد التبول لفترة، لو انتظر انتهاء السلس لانتهت الجماعة، ما ذا يكون الحكم؟
ج: إذا عرف أن السلس ينتهي: فلا يجوز له أن يصلي وهو معه ، طلبا لفضل الجماعة. وإنما عليه أن ينتظر حتى ينتهي ، ويستنجي بعده ، ويتوضأ ، ويصلي صلاته ، ولو فاتته الجماعة.
وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة " انتهى.
ثانيا:
إذا شق عليك فعل الصلاة في وقتها، جاز لك الجمع بين الظهرين أو العشاءين تقديما أو تأخيرا؛ لأن الجمع رخصة للمريض الذي يلحقه مشقة بفعل الصلاة في وقتها.
وهذا مذهب الحنابلة، ولك تقليدهم في ذلك.
قال في "كشاف القناع" (2/ 5) (حنبلي): " (يجوز) الجمع (بين الظهر والعصر) في وقت إحداهما (و) بين (العشاءين في وقت إحداهما) فهذه الأربع هي التي تجمع: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء في وقت إحداهما ، إما الأولى، ويسمى جمع التقديم، أو الثانية، ويقال له جمع التأخير في ثمان حالات إحداها (لمسافر يقصر) ...
(و) الحالة الثانية (المريض يلحقه بتركه) ، أي الجمع ، (مشقة وضعف) ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -جمع من غير خوف ولا مطر.
وفي رواية من غير خوف ولا سفر رواهما مسلم من حديث ابن عباس . ولا عذر بعد ذلك [يعني: بعد الخوف والسفر] إلا المرض.
وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة ، وهي نوع مرض . واحتج أحمد بأن المرض أشد من السفر" انتهى.
وأما الحنفية فلا جمع عندهم بسبب المرض.
قال في "الدر المختار"، ص55: " (ولا جمع بين فرضين في وقت ، بعذر) سفر ومطر ، خلافا للشافعي...
(فإن جمع : فسد لو قدَّم) الفرض على وقته ، (وحرُم لو عكس) ، أي أخّره عنه ، (وإن صح) بطريق القضاء ، (إلا لحاج بعرفة ومزدلفة) كما سيجئ" انتهى.
وفي "المبسوط" للسرخسي (1/149): "قال (ولا يجمع بين صلاتين في وقت إحداهما في حضر ولا في سفر) ، ما خلا عرفة ومزدلفة ، فإن الحاج يجمع بين الظهر والعصر بعرفات ، فيؤديهما في وقت الظهر ، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة فيؤديها في وقت العشاء، عليه اتفق رواة نسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله .
وفيما سوى هذين الموضعين لا يجمع بينهما وقتا عندنا.
وقال الشافعي - رحمه الله -: يجمع بينهما لعذر السفر والمطر.
وقال مالك: - رحمه الله -: ولعذر المرض أيضا. وهو أحد قولي الشافعي - رحمه الله تعالى .
وقال أحمد بن حنبل : يجوز الجمع بينهما في الحضر ، من غير عذر السفر... " انتهى.
ثالثا:
عليك بمراجعة الطبيب؛ لما في علاج ما أصابك من رفع الحرج والضيق، وتمكينك من فعل العبادة في أول الوقت، وأداء الصلاة مع الجماعة.
والله أعلم.
تعليق