السبت 13 صفر 1446 - 17 اغسطس 2024
العربية

كيف نتعامل مع أسئلة الأطفال في العقيدة؟

326418

تاريخ النشر : 21-08-2023

المشاهدات : 3763

السؤال

هل ممكن أن ترشدوني إلى الأجوبة الصحيحة عندما يسألوني أطفالي عن الله سبحانه وتعالى؟ 1) لماذا لا نستطيع رؤية الله سبحانه وتعالى مع أنه أكبر من كل شيء؟ 2) لماذا لا يكلمنا الله سبحانه وتعالى؟ 3) لماذا نسأل المصروف من الله سبحانه وتعالى مع أن الأهل يعطونا إياه؟ نرجو منكم أن تكون إجابتكم بلغة وصيغة سهلتين لهم.

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

نذكر هنا بعض الفوائد العامة فيما يتعلق بأسئلة الأطفال لخصناها من كتاب: "أسئلة الأطفال الإيمانية":

تعد مرحلة الطفولة مرحلة التساؤل، حيث يكون غالب أحاديث الطفل في هذه المرحلة عبارة عن أسئلة مثل: ماذا؟ أين مكانه؟ كيف صار؟ ما هو؟ أين جاء؟ إنه يريد معرفة كل الأشياء التي يراها ويسمعها، وقد يفهم وقد لا يفهم.

إن الطفل يمتاز بحب الاستطلاع، وربما زاد ذلك حسب البيئة التي يعيش فيها، فالمربي الذي يتيح الفرصة، ويستقبل بكل سرور ما يطرحه الأطفال، سيغوص في أعماق أنفسهم، ومن المهم أن يشعروا بأريحية وهم يتكلمون مع أهليهم.

 أسباب كثرة الأسئلة عند الأطفال:

1- رغبة الطفل في الاستطلاع كوسيلة لإشباع حاجات النمو العقلي.

2- قلق الأطفال وخوفهم من الأشياء؛ وذلك لعدم الخبرة.

3- نمو قدرة الأطفال اللغوية، فحين يلقي السؤال ليس حبًا في الإجابة؛ بل الممارسة والتباهي بالمشاركة.

4- تنمية ثقة الطفل بنفسه ووالديه، وتنمية احترامه لذاته.

طبيعة الأسئلة عند الأطفال:

لكي نفهم أسئلة الطفل بشكل جيد ، لا بُدَّ لنا من التمييز بين الأسئلة العقلية واللغوية والنفسية ، لما لها من دلالة موقفيَّة قاطعة، ولا نستطيع أن نقدر قيمة السؤال إلا من خلال الموقف المعين الذي يحيط به؛ لأن لأسئلة الأطفال ثلاثة وظائف تكوينية هامة هي:

  1. تحقيق التوازن النفسي لدى الطفل.
  2. استنباط معلومات جديدة، وهو جزء من فطرة التساؤل والفضول التي حبا الله بها الأطفال ليؤهلهم للتكاليف الشرعية.
  3. التعرف على البيئة المحيطة؟

 أنواع الأسئلة عند الأطفال:

  • أسئلة ذات طابع لغوي: (لماذا سميت الأشياء بهذا الاسم؟).   
  • أسئلة وجودية: (من أين أتينا؟). 
  • أسئلة التمرد: (لماذا لا يسمح للأطفال بمسائل مسموحة للكبار؟).
  • أسئلة اختيارية: وتكون حول قدرات الأهل المالية والجسدية.
  • أسئلة القلق الطفولي: وتكون حول غياب أحد الوالدين.
  • أسئلة استكشاف الجسد: وذلك كالفروق الجسدية بين الجنسين.

لماذا يتجاهل الوالدان أسئلة الأطفال: إهمال أسئلة الأطفال أحيانًا يكون ليس سببه عدم معرفة الإجابة، وجهل دورها النفسي والتربوي فحسب؛ بل لأسباب أخرى من أهمها:

1- شعور الكبير بغرابة سؤال الصغير مما يجعله لا يهتم به.

2- إدراك الكبار صعوبة السؤال الذي يطرحه الطفل، خصوصًا إذا كان متصلًا بجانب من المحرمات الاجتماعية لا يسمح بها إلا في سن معينة، ومن هنا وجب على الكبار أن يعدوا أنفسهم للإجابة السليمة.

3- تجاوز تساؤلات الأطفال لحدود قدراتهم العقلية، فيبدأ الوالدان بالتفكير كيف توصل الطفل لهذا السؤال، ويهملون الإجابة عليه.

4- قد يكون تهرب الآباء والأمهات من الإجابة هو لجهلهم ما يريد الأطفال، فيجب أن يبحثوا عن الإجابة ويخبروهم بأمانة وصدق.

كيف يتعامل الوالدان مع أسئلة الطفل؟

إن واجب الوالدين هو تقديم الإجابات الصحيحة عن أسئلة الأطفال، وأن يساعدوهم على التحدث بما لديهم من أفكار حول الدين، من أجل أن يبعثوا فيهم الطمأنينة والقناعة والفهم الصحيح للدين، بما يحفظ لهم اتزانهم الديني البعيد عن الغلو في الدين، وما أجمل أن يكلف الوالدان أكبر أبنائهما سنًا بتدوين أسئلة أخواتهم، فكم سيسعد الطفل عندما نبادره بإجابة عن سؤال من أسئلته السابقة؛ فالاهتمام بالإجابة الجيدة عن أسئلته سيكون له أثر كبير بإذن الله.

وينبغي للوالدين التنبه لضرورة التفريق بين نوعين من أسئلة الأطفال:

الأول: الأسئلة الملحة التي يكررها.

الثاني: الأسئلة العَرَضَية التي لو أخذنا بالحديث معه في موضوع آخر نسي السؤال. فالأولى ليس من الحكمة تجاهلها فيجتهد الوالدان في إجابته، والثانية فلا بأس من تجاوزها خاصة حين تكون في أمور قد لا يستوعب الطفل إجابتها.

مبادئ التعامل مع أسئلة الأطفال:

هناك جملة من المبادئ والقيم التي ينبغي على الوالدين الالتزام بها ومراعاتها أثناء الإجابة منها:

1- مبدأ الاحترام؛ فالوالدان اللذان يصغيان لأسئلة الطفل يشعرانه بمشاركتهما همومه، وهذه المشاركة تعيد إلى الطفل توازنه النفسي.

2- مبدأ الثقة والأمان من خلال المفردات اللغوية وتبسيط المعلومات في إطارها العلمي الصحيح.

3- مبدأ معالجة الدوافع الخاصة بالأطفال؛ فمثلًا الطفل الذي يشعر بالقلق من جراء مولد طفل جديد في الأسرة لا يمكن أن تحل مشكلته بالإجابة؛ بل بالاهتمام به اهتمامًا خاصًا.

ويمكن توظيف الإجابة عن الأسئلة بصورة أكبر فيقترح على الطفل أن يطرح سؤالًا في اجتماع الأسرة، ثم يترك المجال للجميع للمشاركة في الإجابة، لكن من المهم ألا يصدم الطفل بسخرية الأخ الأكبر، ففي الإجابة الجماعية تحقق جملة من الأهداف يكون مدخلها هو أسئلة الطفل.

التربية بالحوار:

إن الحوار بين الطفل ووالديه يعود على الأسرة بفوائد منها:

1-  أنها تعطي الطفل الحرية في التفكير والكشف عن الحقائق بنفسه.

2- أنها تدخل في نفوس الصغار السرور، وتعلمهم الإصغاء للآخرين.

3- توقظ انتباه الطفل وتبعد عنه الشرور والفتور، وتدفعه لأن يتفاعل ويتحرك.

وهناك أكثر من صيغة يمكن طرحها على الأطفال من هذه الصيغ: ( ماذا يحدث؟ ماذا تريد؟ كيف تفعل هذا؟ ماذا سنفعل لو حدث كذا؟ ولكن من أهم مواصفات الأسئلة الجيدة التي تؤتي ثمارها المرجوة في التربية بالحوار مع الأطفال ما يلي:

أن يكون السؤال قصيرًا قدر الإمكان، وأن يكون واضحًا ومناسبًا لعمر الطفل وزمانه.

كذلك ألا يكون سؤالًا يستلزم الصواب والخطأ، بل يحرك ذهن الطفل ويوسع آفاقه.

أساليب الإجابة عن أسئلة الأطفال:

1- الإجابة الشفوية المباشرة، وغالبًا ما تكون سريعة ومختصرة.

2- الإجابة من خلال حكاية صغيرة، وهذا النوع من الإجابات يستمعون إليه بشغف.

3- الإجابة المصورة حيث تشكل الصور مصدرًا رئيسًا للمعرفة، خاصة إذا كانت ملونة وجذابة.

4- الإجابة من خلال الملاحظة، كسؤال الطفل عن حيوانات البيئة وكيف يعيش وماذا يأكل؟

توجيهات عامة ينبغي مراعاتها أثناء الإجابة:

1- الحرص على الإقناع باستخدام طريقة المناقشة، وعدم الاعتماد على التلقين.

2- لا تعامل الطفل باعتباره غبيًا، واحرص على إجابة مباشرة دون تحريف لها.

3- تقبل تساؤلات الأطفال بالاهتمام، والإصغاء إليهم.

4- اجتنب ما لا ضرورة له من الشرح والإطالة.

5- الإجابة على أسئلة ابن السادسة يجب أن تكون أقصر من الإجابة على ابن العاشرة.

6- عدم استبداد الوالدين بالرأي عند إجابة الطفل عن تساؤل معين.

7- بعض الأسئلة لا تعطي الإجابة عنها دفعة واحدة؛ بل شيئًا فشيئا على التدريج.

8- حين يكبر الطفل ويصبح في مرحلة ناضجة، فإنه من المستحسن أن يطلب رأيه فيما يسأل عنه، وعلينا أن نكف عن محاولة جعل الطفل يفكر بعقولنا؛ لأن هذا سيجعل الطفل موضوعًا في إطار ليس بإطاره.

9- كن صادقًا في إجابتك، ولا تكذب على طفلك في الإجابة هروبًا من الحرج.

10- لا تعاتب صغيرك ولا تسخر منه ولا تنهره على سؤاله مهما كان، بل أشعره أنك مستعد للإجابة في أي وقت.

الأخطاء التربوية التي قد تقع أثناء الإجابة:

  • عدم مراعاة جوانب التربية المختلفة مثل الجانب الإيماني، الخلقي، العلمي.
  •  التركيز على جانب وترك الآخر أو عدم التوازن بينهما.
  • عدم التدرج في التربية وكثرة التوبيخ والتقريع والاتهام بالتقصير.
  • عدم استشارة المختصين وأهل التجربة، والاستعجال وضعف المتابعة.
  • الغموض أثناء التربية والتوجيه ومخالفة أقوالنا بأفعالنا.

ثانيًا:

غرض الطفل من السؤال في أحيان كثيرة يكون مجرد التواصل مع والديه، فليس من الضروري وجود إجابة جاهزة لدى الوالدين وإنما الضروري هو التجاوب مع الطفل بعبارات مثل: هذا سؤال جميل، هذا سؤال جيد يستحق التفكير فيه، سأبحث في الموضوع ونفكر معًا بعد ذلك.

ثالثًا:

بخصوص الأسئلة المذكورة فمن الممكن أن تكون إجاباتها كالتالي:

(1) الله أكبر من كل شيء، لذلك لا نستطيع أن نراه بقدرتنا وحدها، بل لابد أن يعيننا الله على رؤيته وهذا هو ما سيحصل في الجنة حيث سيعيننا الله على رؤيته، وهذا من نعيم الجنة أن الله سيجعلنا قادرين على رؤيته.

(2) الله عز وجل اختار بعض رسله كموسى عليه السلام فأكرمه بأن تكلم معه، لكن الله سبحانه لن يتكلم مع كل إنسان في هذه الدنيا، بل الكلام معه سبحانه متروك ومؤجل أيضًا ليوم القيامة، فالله سيكرم المؤمنين بالكلام معه، والجوائز المؤجلة ليوم القيامة مثل الكلام والرؤية لن تكون جوائز إذا عجلها الله للناس كلهم في الدنيا.

(3) نسأل الله أشياء نتلقاها في النهاية من البشر، مثل المصروف الذي نتلقاه من الأهل، والعلاج الذي نتلقاه من الطبيب، لأنه لولا مشيئة الله وإعانته للأهل وللطبيب لما استطاعوا أن يفعلوا لنا شيئا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب