الأربعاء 22 شوّال 1445 - 1 مايو 2024
العربية

ما حكم تقدم المأموم على الإمام في صلاة الجنازة؛ بسبب الزحام؟

327489

تاريخ النشر : 09-01-2024

المشاهدات : 784

السؤال

ما حكم الصلاة أمام الإمام في صلاة الجماعة عند الازدحام في المقبرة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يصح للمأموم أن يتقدم على الإمام في صلاة الجماعة.

لحديث عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ) رواه البخاري (688)، ومسلم (412).

والائتمام يلزم منه أن يكون المأموم خلف الإمام لا قدّامه.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام.

فإن وقفوا قدّامه، لم تصح. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي.

وقال مالك، وإسحاق: تصح؛ لأن ذلك لا يمنع الاقتداء به، فأشبه من خلفه.

ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ).

ولأنه يحتاج في الاقتداء إلى الالتفات إلى ورائه.

ولأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هو في معنى المنقول " انتهى من "المغني" (3 / 52).

ثانيا:

إن لم يتمكن المأموم من الصلاة إلا قدّام الإمام؛ فقد رخص في ذلك بعض أهل العلم ، لقول الله تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286.

وقوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة: تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها...؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: ( صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب )، وهذه قاعدة كبيرة تحتاج إلى بسط ليس هذا موضعه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 634).

وسُئل رحمه الله تعالى:

" هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا؟

فأجاب:

أما صلاة المأموم قدام الإمام. ففيها ثلاثة أقوال للعلماء:

أحدها: أنها تصح مطلقا، وإن قيل إنها تكره، وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك والقول القديم للشافعي.

والثاني: أنها لا تصح مطلقا، كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، في المشهور من مذهبهما.

والثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره، مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا قدام الإمام، فتكون صلاته قدام الإمام خيرا له من تركه للصلاة.

وهذا قول طائفة من العلماء وهو قول في مذهب أحمد وغيره.

وهو أعدل الأقوال وأرجحها؛ وذلك لأن ترك التقدم على الإمام: غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة ، والواجبات كلها تسقط بالعذر، وإن كانت واجبة في أصل الصلاة؛ فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط؛ ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه، من القيام والقراءة واللباس والطهارة وغير ذلك...

والمقصود هنا: أن الجماعة تُفعل بحسب الإمكان، فإذا كان المأموم لا يمكنه الائتمام بإمامه إلا قُدّامَه، كان غاية ما في هذا أنه قد ترك الموقف لأجل الجماعة، وهذا أخف من غيره.

ومثل هذا أنه منهي عن الصلاة خلف الصف وحده، فلو لم يجد من يصافه، ولم يجذب أحدا يصلي معه: صلى وحده خلف الصف، ولم يَدَعِ الجماعة، كما أن المرأة إذا لم تجد امرأة تصافها فإنها تقف وحدها خلف الصف، باتفاق الأئمة. وهو إنما أمر بالمصافة مع الإمكان لا عند العجز عن المصافة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23 / 404 - 407).

وبناء على هذا ؛ يصح وقوف المأموم أمام الإمام في صلاة الجنازة، إذا لم يجد مكانا غيره.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب