الحمد لله.
أولا:
لا يصح المسح على الجوربين في الوضوء، إلا لمن لبسهما على طهارة كاملة ، وقد دلت على ذلك السنة النبوية الصحيحة .
ومن ذلك ما رواه البخاري (206)، ومسلم (274) عن الْمُغِيرَةِ بن شعبة رضي الله عنه قَالَ: “كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ : دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
ولفظ أبي داود (151) : دع الخفين ؛ فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان.
قال النووي :
” فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا يَجُوز إِلَّا إِذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَة ” انتهى .
وقال ابن قدامة في “المغني” (1/174) :
“لَا نَعْلَمُ فِي اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الطَّهَارَةِ لِجَوَازِ الْمَسْحِ خِلَافًا” انتهى .
ثانيا:
المقصود بالطهارة الكاملة : رفع الحدث ؛ إما بالوضوء مع غسل القدمين ، أو بالغُسل من الجنابة أو الحيض أو النفاس.
أما غُسل النظافة أو التبرد: فلا يرفع الحدث ، ولا يصح اعتباره طهارة كاملة يمسح بعدها على الخفين ، إلا إذا نوى الشخص الوضوء، وغسل أعضاء الوضوء مرتبة كما أمر الله وهو في مستحمه .
وينظر الفتوى رقم : (146304).
ثالثا:
اختلف أهل العلم في غسل الجمعة ؛ هل يرفع الحدث ، فيجزئ عن الوضوء ، أو لا يرفع الحدث ؟ على قولين :
القول الأول : أنه يرفع الحدث ، وهو المذهب عند الحنابلة .
القول الثاني : أن غسل الجمعة لا يجزئ عن الوضوء ، حتى على القول بوجوب الغسل للجمعة ، بل لا بد من الوضوء مع الغسل .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا اغتسل شخص للتبرد غسلاً مجزئاً ، فهل يكفيه عن الوضوء ؟ وإن لم يكفه ، فما هو الغسل الذي يكفي عن الوضوء ؟ وهل لا بد فيه من نية ؟
فأجاب : ” التبرد ليس عبادة وليس طاعة ، فإذا اغتسل للتبرد لم يجزئه عن الوضوء ، الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل من الجنابة ، أو غسل المرأة من الحيض والنفاس ؛ لأنه عن حدث.
وأما الغسل المستحب كالغسل عند الإحرام مثلاً ، فإنه لا يجزئ عن الوضوء.
وكذلك الغسل الواجب لغير حدث ، كغسل يوم الجمعة لا يجزئ عن الوضوء .
فلا يجزئ عن الوضوء إلا الغسل الذي يكون عن حدث ، جنابةً أو حيضاً أو نفاساً .
السائل : وماذا يكون لو نوى ؟
الشيخ : ولو نوى ؛ لأنه لابد من الترتيب .
السائل : والغسل عن الحدث ، هل لابد من نية ؟
الشيخ: إذا نوى الغسل عن الجنابة كفى عن الوضوء ؛ لقول الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، ولم يذكر الوضوء ” انتهى من “لقاءات الباب المفتوح” .
والحاصل :
أن من لبس الخفين أو الجوربين بعد وضوء كامل أو غسل جنابة أو حيض أو نفاس ؛ فإنه يجوز له المسح على الخفين أو الجوربين .
أما من لبس الخفين بعد غسل تبرد أو نظافة ؛ فلا يجوز له المسح عليهما إلا إذا توضأ خلال الغسل .
والله أعلم.
تعليق