الحمد لله.
أولا:
لم نقف على أن الناس في زمن موسى عليه السلام كانوا عمالقة، وإنما هذا يحكى عن فرد أو أفراد، في قصص لا تثبت، كالكلام على عوج بن عنق، فقد قيل: كان طوله ثلاثة آلاف ذراع، وثلاثمائة ذراع، وثلاثة وثلاثين ذراعا، وثلث ذراع !
وهذا لا يصح كما ذكر ابن كثير رحمه الله. وينظر: "البداية والنهاية" (2/ 126).
والثابت أمران:
1-أن آدم عليه السلام كان طوله ستين ذراعا، ولم يزل الخلق يتناقص بعده.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك . فقال : السلام عليكم . فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن .
رواه البخاري (3336)، ومسلم (7092).
وفي لفظ مسلم : فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، وطوله ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ( 6/367 ) : " أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول، أقصر من القرن الذي قبله ، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة، واستقر الأمر على ذلك انتهى.
وقد استشكل الحافظ ابن حجر رحمه الله كون ديار ثمود تدل على أن أهل ثمود لم تكن قاماتهم مفرطة في الطول، مع قرب المدة بينهم وبين آدم عليه السلام.
قال: "ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة، كديار ثمود؛ فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول، على حسب ما يقتضيه الترتيب السابق، ولا شك أن عهدهم قديم، وأن الزمان الذي بينهم وبين آدم: دون الزمان الذي بينهم وبين أول هذه الأمة، ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال" انتهى من "فتح الباري" (6/367).
وإذا كان هذا في أهل ثمود، فلا عجب في أمر فرعون؛ لأنه بعدهم بزمن.
2-أن موسى عليه السلام كان رجلا طويلا، كأنه من رجال شَنوءة، وهي قبيلة باليمن معروف أهلها بالطول.
روى البخاري (3239)، ومسلم (165) عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ .
قال الحافظ ابن حجر: "قوله: (كأنه من رجال شنوءة) بفتح المعجمة وضم النون وسكون الواو بعدها همزة ثم هاء تأنيث: حي من اليمن ينسبون إلى شنوءة وهو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، ولُقب شنوءة لشنآن كان بينه وبين أهله، والنسبة إليه شنوئي بالهمز بعد الواو، وبالهمز بغير واو. قال ابن قتيبة: سمي بذلك من قولك: رجل فيه شنوءة، أي تقزز، والتقزز بقاف وزايين: التباعد من الأدناس. قال الداودي: رجال الأزد معروفون بالطول انتهى. ووقع في حديث بن عمر عند المصنف بعد: (كأنه من رجال الزط) ،وهم معروفون بالطول والأْدْمة" انتهى من "فتح الباري" (6/ 429).
ثانيا:
ليس هناك دليل على أن رمسيس الثاني هو فرعون الذي أهلكه الله غرقا، بل الأدلة على خلاف ذلك.
وهناك بعض الأبحاث في ذلك على شبكة الانترنت فلتنظر .
مع أنه لا عجب في كون فرعون، أو بني إسرائيل، ليسوا على طول مفرط، لأن ثمود –وهم متقدمون زمنا- لم يكونوا كذلك، كما تشهد ديارهم الموجودة إلى اليوم، كما قدمنا من استشكال الحافظ ابن حجر لذلك، فالعلم عند الله تعالى.
والله أعلم.
تعليق