الحمد لله.
أولا:
يشرع القنوت إذا نزلت نازلة، كبلاء واضهاد وقع للمسلمين، أو وباء حل بهم، أو لغير ذلك من النوازل والشدائد.
وقد روى البخاري (3170) ومسلم (677) عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ).
وروى أبو داود (1443) وأحمد (2741) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا، فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ) صححه ابن القيم في “الزاد” (1/280) ، وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وهذا يدل على مشروعية القنوت للنازلة في جميع الصلوات، وأنه لا يختص بالفجر.
قال النووي رحمه الله في المجموع (3/ 505):
“(فرع) في القنوت في غير الصبح، إذا نزلت نازلة:
قدمنا أن الصحيح في مذهبنا: أنها إن نزلت قنت في جميع الصلوات.
وقال الطحاوي: لم يقل أحد من العلماء بالقنوت في غير الصبح من المكتوبات غير الشافعي. قال الشيخ أبو حامد: هذا غلط منه، بل قد قنت علي رضي الله عنه بصفين.
ودليلنا على من خالفنا: الأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين ” أن النبي صلى الله تعالي عليه وسلم قنت شهرا لقتل القراء رضي الله عنهم ” ، وقد سبقت جملة من هذه الأحاديث، وباقيها مشهور في الصحيح” انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :“يُشْرَعُ أَنْ يَقْنُتَ عِنْدَ النَّوَازِلِ يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَيَدْعُو عَلَى الْكُفَّارِ، فِي الْفَجْرِ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ ” انتهى “مجموع الفتاوى” (22 / 270).
ثانيا:
القنوت مشروع للجماعة والمنفرد، ولمن كان في بلد النازلة أو خارجها، فيدعو لإخوانه المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ولا يقنت في غير الوتر، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، فيقنت كل مصل في جميع الصلوات، لكنه في الفجر والمغرب آكد بما يناسب تلك النازلة” انتهى من الفتاوى الكبرى (5/ 343).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يُشرع قنوت النوازل للمنفرد؟
فأجاب: “نعم ؛ ما أعلم فيه مانعا ” انتهى .
ثالثا:
من لا يحسن العربية ، جاز له أن يقنت بلغته. وهكذا الأدعية الأخرى، كدعائه في سجوده، وبعد تشهده.
وينظر: جواب السؤال رقم (262254) ورقم (20953)
والله أعلم.
تعليق