الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل تصح قصة هجرة أم شريك رضي الله عنها؟

337882

تاريخ النشر : 20-01-2021

المشاهدات : 17131

السؤال

حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فرح ، ثنا أبو عمر المقري ، ثنا محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أنه قال : وقع في قلب أم شريك الإسلام فأسلمت وهي بمكة ، وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤي ، وكانت تحت أبي العسكر الدوسي ، فأسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة ، فأخذوها وقالوا : لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ، ولكنا سنردك إليهم ، قالت : فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره ، ثم تركوني ثلاثا لا يطعمونني ولا يسقوني ، قالت : فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه ، قالت : فنزلوا منزلا وكانوا إذا نزلوا منزلا أوثقوني في الشمس واستظلوا هم منها ، وحبسوا عني الطعام والشراب ، فلا تزال تلك حالي حتى يرتحلوا ، قالت : فبينما هم قد نزلوا منزلا وأوثقوني في الشمس واستظلوا منها ، إذا أنا بأبرد شيء على صدري فتناولته ، فإذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ، ثم نزع فرفع ، ثم عاد فتناولته فشربت منه ، ثم رفع ، ثم عاد أيضا فتناولته فشربت منه قليلا ثم رفع ، قالت : فصنع بي مرارا ثم تركت فشربت حتى رويت ، ثم أفضيت سائره على جسدي وثيابي ، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة ، قالوا لي : أتحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه ؟ قلت : لا والله ما فعلت ولكنه كان من الأمر كذا وكذا ، قالوا : لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا ، فلما [ ص: 67 ] نظروا إلى أسقيتهم وجدوها كما تركوها فأسلموا عند ذلك ، وأقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها .

ملخص الجواب

لم نقف لقصة هجرة أم شريك على إسناد صحيح ثابت، زيادة على اضطراب متنها.

الحمد لله.

التعليق على خبر هجرة أم شريك 

هذا الخبر رواه أبو نعيم الأصبهاني في مصنفه "معرفة الصحابة" (7967)، وكذا في "حلية الأولياء" (2 / 66 — 67)، من حديث مُحَمَّد بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:

( وَقَعَ فِي قَلْبِ أُمِّ شَرِيكٍ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَتْ وَهِيَ بِمَكَّةَ، وَهِيَ إِحْدَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ ثُمَّ إِحْدَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْعَكرِاء الدَّوْسِيِّ ، فَأَسْلَمَتْ ، ثُمَّ جَعَلَتْ تَدْخُلُ عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ سِرًّا ، فَتَدْعُوهُنَّ وَتُرَغِّبُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ ، حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ، فَأَخَذُوهَا، وَقَالُوا: لَوْلَا قَوْمُكَ لَفَعَلْنَا بِكِ وَفَعَلْنَا ، وَلَكِنَّا سَنَرُدُّكِ إِلَيْهِمْ.

قَالَتْ: فَحَمَلُونِي عَلَى بَعِيرٍ لَيْسَ تَحْتِي شَيْءٌ مُوَطَّأٌ وَلَا غَيْرُهُ ، ثُمَّ تَرَكُوني ثَلَاثًا لَا يُطْعِمُونَنِي وَلَا يَسْقُونَنِي، قَالَتْ: فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثٌ حَتَّى مَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ أَسْمَعُهُ.

قَالَتْ: فَنَزَلُوا مَنْزِلًا وَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا أَوْثَقُونِي فِي الشَّمْسِ واسْتَظَلُّوا هُمْ، وَحَبَسُوا عَنِّي الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَلَا تَزَالُ تِلْكَ حَالِي حَتَّى يَرْتَحِلُوا، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُمْ قَدْ نَزَلُوا مَنْزِلًا وَأَوْثَقُونِي فِي الشَّمْسِ واسْتَظَلُّوا هم مِنْهَا، إِذَا أَنَا بِأَبْرَدِ شَيْءٍ عَلَى صَدْرِي، فَتَنَاوَلْتُهُ فَإِذَا هُوَ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا ، ثُمَّ نُزِعَ فَرُفِعَ، ثُمَّ عَادَ فَتَنَاوَلْتُهُ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ثُمَّ رُفِعَ، ثُمَّ عَادَ أَيْضًا فَتَنَاوَلْتُهُ فَشَرِبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ رُفِعَ، قَالَتْ: فَصَنَعَ بِي مِرَارًا ، ثُمَّ تُرِكْتُ فَشَرِبْتُ حَتَّى رُوِّيتُ، ثُمَّ أَفَضْتُ سَائِرَهُ عَلَى جَسَدِي وَثِيَابِي، فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا إِذَا هُمْ بِأَثَرِ الْمَاءِ وَرَأَوْنِي حَسَنَةَ الْهَيْئَةِ، قَالُوا لِي: أَتَحَلَّلْتِ فَأَخَذْتِ سِقَاءَنَا فَشَرِبْتِ مِنْهُ؟! قُلْتُ: لَا وَاللهِ مَا فَعَلْتُ وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، قَالُوا: لَئِنْ كُنْتِ صَادِقَةً، لَدِينُكِ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَسْقِيَتِهِمْ وَجَدُوهَا كَمَا تَرَكُوهَا، فَأَسْلَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ من غَيْرِ مَهْرٍ فَقَبِلَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا ).

ومحمد بن مروان هو السُّدِّي، وهو متروك الحديث، ومتهم بالكذب.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" محمد بن مروان السدي الكوفي عن هشام بن عروة تركوه، واتهم " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 631).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" محمد بن مروان بن عبد الله ين إسماعيل السُّدِّي، كوفي: متهم بالكذب " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 506).

وكذا هو حال شيخه محمد بن السائب الكلبي.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" محمد بن السائب الكلبي الكوفي أبو النضر عن الشعبي تركوه كذبه سليمان التيمي وزائدة وابن معين وتركه القطان وعبد الرحمن " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 584).

وشيخه في هذا الحديث هو أبو صالح باذام، قال عنه ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:

" باذام أبو صالح، ويقال باذان، مولى أم هانئ روى عن: أم هانئ، وابن عباس، وأبي هريرة.

روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد... والكلبي...

أخبرنا أبو بكر ابن أبي خيثمه فيما كتب إلي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو صالح مولى أم هانئ ليس به بأس، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس؛ لأن الكلبي يحدث به مرة من رأيه، ومرة عن أبي صالح، ومرة عن أبي صالح عن ابن عباس.

سمعت أبي يقول: أبو صالح باذان صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به " انتهى. "الجرح والتعديل" (2 / 431 - 432).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وأخرج أبو نعيم، من طريق محمد بن مروان السّديّ، أحد المتروكين، وأبو موسى من طريق إبراهيم بن يونس، عن زياد، عن بعض أصحابه، عن ابن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: ( ووقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكّة ... )...

وأخرج أبو موسى في "الذّيل" لها قصّة أخرى مع يهوديّ رافقته إلى المدينة ، شبيهة بهذه في شربها من الدّلو...

وأخرج أبو موسى أيضا من وجه آخر عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس؛ شبيهة بالقصّة التي في الخبر المرسل.

وحاصله: أنه اختلف على الكلبيّ في سياق القصّة " انتهى. "الإصابة" (14 / 411).

فمدار الخبر على الكلبي وهو متروك، والراوي عنه لهذا الخبر إما متروك أو مجهول.

ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8 / 155)، قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ. فذكر خبرا شبيها بهذا.

وفي إسناده مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وهو الواقدي، وهو متروك.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، مولاهم، الواقدي، صاحب التصانيف، مجمع على تركه " انتهى، من "المغني" (2 / 619).

وصاحب الخبر وهو مُنِير بْن عَبْدِ اللَّهِ، من أهل العلم من ضعفه، ومنهم من حكم عليه بالجهالة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" منير بن عبد الله:

عن أبيه بحديث زكاة العسل.

ضعفه الأزدي، وفيه جهالة ، انتهى.

وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: روى عنه الحارث بن أبي ذباب.

وقال ابن عبد البر: إسناده مجهول.

وَقال البخاري في ترجمة عبد الله بن منير، عن سعد بن أبي ذباب: لم يصح حديثه.

وقال علي بن المديني: لا نعلم منيرا إلا في هذا الحديث، وهو مجهول " انتهى، من "لسان الميزان" (8 / 174 - 175).

وروى أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (7968) القصة، لكن بإسناد وسياق مختلف.

من حديث يُونُس بْنِ بُكَيْرٍ، حدثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

( كَانَتِ امْرَأَةً مِنْ دَوْسٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ شَرِيكٍ أَسْلَمَتْ فِي رَمَضَانَ، فَأَقْبَلَتْ تَطْلُبُ مَنْ يَصْحَبُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَتْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ شَرِيكٍ؟ قَالَتْ: أَطْلُبُ رَجُلًا يَصْحَبُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَتَعَالَيْ فَأَنَا أَصْحَبُكِ ...) فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ.

وفي إسناده عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وقد ضعّفه أهل العلم.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" عبد الأعلى بن أبي المساور الكوفي عن الشعبي، ضعفوه جدا " انتهى، من "المغني" (1 / 365).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" عبد الأعلى بن أبي المساور الزهريُّ مولاهم، أبو مسعود الجَرَّارُ، الكُوفي، نَزَلَ المدائنَ: متروك " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 332).

وروى قريبا من هذا السياق ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8 / 157)، قال:

أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: ( هَاجَرَتْ أُمُّ شَرِيكٍ الدَّوْسِيَّةُ ، فَصَحِبَتْ يَهُودِيًّا فِي الطَّرِيقِ ، فَأَمْسَتْ صَائِمَةً، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ لِامْرَأَتِهِ: لَئِنْ سَقَيْتِهَا لَأَفْعَلَنَّ، فَبَاتَتْ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ إِذَا هُوَ عَلَى صَدْرِهَا دَلْوٌ مَوْضُوعٌ وَصُفْنٌ فَشَرِبَتْ ، ثُمَّ بَعَثَتْهُمْ لِلدُّلْجَةِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتَ امْرَأَةٍ لَقَدْ شَرِبَتْ، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ أَنْ سَقَتْنِي... ).

ورواته ثقات لكنه مرسل، فهو ضعيف لعدم اتصال سنده.

فالحاصل؛ أنه لم نقف لهذا القصة على إسناد صحيح ثابت، زيادة على اضطراب متنها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب