الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

حكم العطور المحتوية على البروبان والبيوتان والأيزوبوتان

342106

تاريخ النشر : 20-06-2022

المشاهدات : 5443

السؤال

بخاخ مزيل الروائح، أي ما يعرف بـ(deodorant spray)، تكون مكونة من مواد مختلفة، وتكون فيها أيضا مادة دافعة، وبها تخرج المادة المزيلة للروائح من البخاخ، وتستعمل هذه المواد الدافعة في كثير من البخاخات، والمواد الدافعة الموجودة في هذه البخاخات هي مثلا مادة بروبان (propane)، أو بوتان (butane)، أو إيزوبوتان (isobutane) وغيرها. سؤالي: قد قرأت في بعض المواقع، منها wikipedia أن بروبان وبوتان يستعملها بعض الناس كمخدرة استنشاقية، يستنشقونها فتسبب لهم حالة من النشوة والطرب، فما حكم البخاخات التي فيها هذه المواد إذا كانت فعلا مواد مسكرة تسبب نشوة وطرب؟ مع العلم أني أرى الخمر نجسا، وكذلك المسكر، فهل يكون ما يخرج من هذه البخاخات نجسا بسبب تخلطه مع هذه المواد؟ آمل لأن كثيرا من البخاخات التي نستعملها في أبداننا وبيوتنا وطعامنا فيها هذه المواد.

الحمد لله.

أولاً: 

غاز البيوتان والبروبان

البروبان والبيوتان والأيزوبيوتان غازات معروفة.

جاء في الموسوعة العربية العالمية: " غاز البيوتان والبروبان Butane and propane

غاز البيوتان والبروبان غازان عديما اللّون، سريعا الالتهاب، يوجدان في الغاز الطبيعي، وخام النفط الخفيف، والغازات الناتجة عند تفكيك الزيت الثقيل كيميائيًا لإنتاج البترول.

ويتحول كلُّ من البيوتان والبروبان بسرعة إلى سائل تحت الضغط، عند درجات الحرارة العادية. ويُسمى المزيج المسال الناتج غاز النفط المُسال.

ويُستخدم هذا المزيج المكون عادة، وبصفة رئيسية، من البروبان وقودًا للصناعة، وسيارات الشَّحن الكبيرة، والمنازل الموجودة بمناطق معزولة. ويضاف البيوتان إلى البترول، لزيادة تطايره (معدل تبخره) في الطقس البارد.

والآيسوبيوتان شكل من أشكال البيوتان، يستخدم في صناعة البترول العالي الأوكتان. ويُعد غاز البروبان مصدرًا مهمًا للإثيلين، وهو غاز عديم اللّون، سريع الالتهاب. ويغلي البروبان السائل عند درجة -42,1°م، والبيوتان السائل العادي عند درجة -0,5°م والآيسوبيوتان السائل عند درجة -11,7°م. والرمز الكيميائي للبروبان C3H8 والبيوتان C4H10".

وجاء فيها: " البروبانول. يعرف أيضًا باسم الكحول البروبيلي. ويحتوي على مجموعة واحدة من الهيدروكسيل وصيغته الكيميائية C3H8O. هنالك صورتان للبروبانول يعرفان بالمماكبات. والمماكبات مركبات كيميائية تحتوي على أنواع وأعداد متماثلة من الذرات، ولكنها مختلفة من حيث التركيب الجزيئي، وبالتالي من حيث الخصائص الكيميائية والفيزيائية. فمثلا يغلي أحد مماكبات البروبانول المعروف باسم البروبانول العادي أو 1ـ بروبانول أو الكحول البروبيلي العادي عند 98°م ويتجمد عند -126°م. أما المماكب الآخر المعروف باسم الآيسوبروبانول أو 2ـ البروبانول أو الكحول الآيسوبروبيلي، فيغلي عند 83°م ويتجمد عند -88°م.

يصنع البروبانول العادي تجاريا من الإثيلين والغاز الاصطناعي، وهو خليط من الهيدروجين وأول أكسيد الكربون في وجود حفّاز هو الروديوم أو الكوبالت.

يستخدم الكحول البروبيلي في تحضير مواد كيميائية أخرى، كما يستخدم مذيبًا للمواد اللاصقة المعروفة باسم الراتينج.

ينتج الآيسوبروبانول بتفاعل غاز البروبيلين، وهو أحد مكونات خام البترول، مع الماء في وجود فلز أو حامض بمثابة حفاز. ويستخدم أساسًا في إنتاج الأسيتون، وهو مذيب صناعي معروف، كما يُستخدم للتنظيف وفي صناعة مستحضرات التجميل، ومحاليل الغسيل" انتهى.

ثانيا:

الظاهر أن المضاف للمزيلات ونحوها هو الكحول البروبيلي، والكحول الأيزوبروبيلي.

وإذا ثبت أن هذه المزيلات أو العطور تُسكر إذا شُرب الكثير منها، أو استنشقت، فإنه يحكم على الخليط بأنه خمر يجب اجتنابها. ويحرم بيعها واستعمالها، سواء قيل بنجاسة الخمر- وهو قول الجماهير- أو قيل بطهارتها كما ذهب إليه بعض أهل العلم.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: " العطور المشتملة على نسبة من الكحول يسكر كثيرها ، في نجاستها خلاف بين العلماء ، مبني على نجاسة الخمر وطهارتها ، فمن حكم على الخمر بالنجاسة ، أثبت لهذه العطور النجاسة ، ومن قال بطهارة الخمر ، قال: إن هذه العطور طاهرة .

وبكلِّ حال ، فلا يجوز استعمال العطور التي فيها كحول ، سواء قلنا بنجاسة الخمر أو طهارتها ؛ لوجوب إتلاف الخمر ، وعدم الاستفادة منها ، والعطور التي فيها كحول يسكر كثيرها : حكمها حكم الخمر " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/144).

وجاء فيها أيضاً : " إذا كانت نسبة الكحول بالعطور بلغت درجة الإسكار ، بشرب الكثير من تلك العطور ، فالشرب من تلك العطور محرم ، والاتجار فيها محرم ، وكذا سائر أنواع الانتفاع ؛ لأنه خمر ، سواء كثر أم قل .

وإن لم يبلغ المخلوط من العطور بالكحول درجة الإسكار بشرب الكثير منه : جاز استعماله والاتجار فيه " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/54).

وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم:(221755). 

وليس العبرة بكون الغاز مخدرا أو مسكرا، بل العبرة بالخليط المستعمل بالفعل (العطر مع الغاز مع غيره) هل يخدر أو يسكر أم لا؟

فإذا كان الغاز يذهب تخديره بخلطه، أو لكون النسبة المضافة منه قليلة، فإن الخليط لا يكون خمرا؛ لعدم إسكاره، فيجوز حينئذ استعماله.

قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله:

"الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر حرام) ، وفي رواية : (كل مسكر خمر) .

وعلى هذا فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته : صار هذا الشيء حراماً ؛ لأن هذا الخليط أثَّر فيه .

أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته، ولم يظهر لها أثر : فإنه لا يحرم بذلك ؛ لأن أهل العلم رحمهم الله أجمعوا على أن الماء إذا خالطته نجاسة لم تغيره فإنه يكون طهوراً .

والنسبة بين الكحول وبين ما خالطه قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة ، بمعنى أن هذه الكحول قد تكون قوية ، فيكون اليسير منها مؤثراً في المخالط ، وقد تكون ضعيفة فيكون الكثير منها غير مؤثر ، والمدار كله على التأثير .

ثم هاهنا مسألتان :

الأولى : هل الخمر نجس نجاسة حسيَّة ؟ أي : أنه يجب التنزه منه وغسل الثياب إذا أصابها وغسل البدن إذا أصابه وغسل الأواني إذا أصابها أو لا؟

جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسيَّة ...

أما الأمر الثاني : فإذا تعيَّن أن في هذه الأطياب كحولاً ، ومؤثراً لكونه كثيراً ، فهل يجوز استعماله في غير الشرب ؟

جواب ذلك أن يقال : إن قول الله تعالى : (فَاجْتَنِبُوهُ) عام في جميع وجوه الاستعمال ؛ أي : إننا نجتنبه أكلاً وشرباً ودهناً وغير ذلك ، هذا هو الأحوط بلا شك ، لكنه لا يتعين في غير الشرب ؛ لأن الله تعالى علل الأمر بالاجتناب بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، وهذا لا يتأتى في غير الشرب ، وعلى هذا : فالورع اجتناب التطيب بهذه الأطياب . والجزم بالتحريم لا يمكن ..." انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (7/2).

والحاصل :

أنه لا يمكن الحكم على المزيل أو العطر بأنه خمر، إلا إذا ثبت أنه يسكر بشرب أو استنشاق الكثير منه، لا بالنظر إلى وجود غاز فيه يخدر، أو كحول يسكر، فالحكم على الخليط، والأشياء تختلف صفاتها –وبالتالي أحكامها- انفرادا وتركيبا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب