الاثنين 17 جمادى الأولى 1446 - 18 نوفمبر 2024
العربية

هل يدخل الرمي بالبنادق في فضل الرمي ؟

342721

تاريخ النشر : 17-02-2021

المشاهدات : 16678

السؤال

ما المقصود بالرماية في الأحاديث الواردة، هل المقصود فيها القوس فقط؟ أم يمكن أن يأخذ حكم الرماية الأسلحة المتطورة مثل البنادق وغيرها؟ وهل الذي يتعلم القوس في الوقت الحالي يدخل في الأحاديث أم ذهب الحكم من القوس وتغيرت الرماية في الوقت الحالي ؟

ملخص الجواب

تعلم الرمي بالآلات الحديثة يلحق بالرمي بالسهام، تعلما، ومسابقة

الحمد لله.

أولا:

المقصود بالرماية في الأحاديث هو رمي السهام 

المقصود بالرماية في الأحاديث هو الرمي بالقوس، أي رمي السهام، وقد جاء في الحث على ذلك عدة أحاديث، منها:

ما روى البخاري في صحيحه (3373) عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ) ، قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ) ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ، قَالَ: (ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ)" .

وقوله: "ينتضلون" أي يتسابقون في الرمي.

وروى مسلم (1917) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال: 60] (أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ).

وروى مسلم (1918) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ، وَيَكْفِيكُمُ اللهُ، فَلَا يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ).

وروى مسلم (1919) : " أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ، قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْكَ، قَالَ عُقْبَةُ: لَوْلَا كَلَامٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُعَانِيهِ، قَالَ الْحَارِثُ: فَقُلْتُ لِابْنِ شَمَاسَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ: (مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا) أَوْ (قَدْ عَصَى).

وروى أبو داود (2574)، والترمذي (1700)، وحسنه وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.

والسبَق: ما يُجعل للسابق على سبقه من جُعل أو جائزة، والنصل: السهم. والخف المقصود به البعير (الإبل). والحافر: الخيل.

وهذا الفضل للرمي باق إلى قيام الساعة، فمن أمكنه تعلم الرمي بالسهام، استحب له ذلك.

ثانيا:

الرمي بالبنادق الحديثة يلحق بالرمي بالسهام

الرمي بالبنادق الحديثة يلحق بالرمي بالسهام ، ويقاس عليه في الفضل، وفي الدعوة إلى تعلمه.

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ): " أي (وَأَعِدُّوا) لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة، ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن القوة الرَّمْيُ) ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى: (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) ؛وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته.

فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 324-325) .

وقال الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا رحمه الله: " وفي أحاديث هذا الباب دلالة على مشروعية الرمي بالسهام واللعب بالحراب، وفضل ذلك والحث عليه والاعتناء بتعلمه والتدريب عليه وعدم إهماله، وأن من أهمل ذلك أو تعلمه وتركه كان على غير هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعد عاصيا.

ومثل الرمي استعمال سائر أنواع السلاح وصنعها، وكذا المسابقة بالخيل كما تقدم في بابه، والمراد بهذا كله التمرن على القتال في سبيل الله، والتدريب عليه، والاستعداد له، ورياضة الأعضاء بذلك، لأن الله عز وجل يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي فقال صلى الله عليه وسلم: (إلا أن القوة الرمي)، قالها ثلاثا، للتأكيد وشدة الاعتناء بشأنه.

وإن كان المراد بالرمي في زمنه صلى الله عليه وسلم: الرمي بالسهام ؛ لكن يدخل في معناه ما استحدث الآن: من الرمي بالبنادق والمدافع والقنابل ونحوها، وكل ما يحدث من آلات القتال في كل زمان ومكان؛ لأن الآية تدل على وجوب صنع الآلات الحربية مطلقا، في كل زمان، ففي زماننا هذا يكون الاستعداد بصنع المدافع والدبابات والطائرات والسفن الحربية المدرعة والغواصات.

وتدل أيضا على وجوب تعلم العلوم والفنون والصناعات التي يتوقف عليها ذلك.

وما أصابنا التأخر والانحطاط إلا بإهمال هذه المهمات، ومخالفة بارئ الأرض والسماوات، فلعلنا نتعظ بما يفعله الأجانب، من التفنن في صنع آلات الحرب، والمسابقة في ذلك، فنفيق من سباتنا، ونستيقظ من نومنا، ونعمل بكتابنا وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم ونستعد للمستقبل" انتهى من "الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني" (14/ 130).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله:

" فهذه الأحاديث في الحث على تعلم الرمي لأنه عدة في سبيل الله وقوة في سبيل الله، ولهذا شرع الله تعلم الرمي، وأخبر النبي ﷺ أن القوة هي الرمي في قوله جل وعلا: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، تقدم حديث عقبة يقول ﷺ: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي يعني معظم القوة، يعني معظمها .

وأهمها : الرمي بالنبل وبالبندقية وبالمدفع والرشاش ، وغير هذا من أنواع الرمي التي تستعمل في كل زمان بحسبه؛ هي معظم العدة.

ويجب أن يستعمل أيضا ، ويُعَد : ما دعت الحاجة إليه ، مما يستعمله الناس ، من سائر ما يعين على الجهاد في سبيل الله ، كالطائرة والسيارة والصواريخ ، وغير هذا مما يحتاجه المجاهدون ، إذا كان عدوهم يستعمله." انتهى، من موقع الشيخ

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " هل يقاس على جواز السبق بالنصل جواز السبق في السلاح ، كالبنادق الهوائية مثلاً؟

فأجاب: الشيخ: جواز السبَق أو السبْق؟ السبْق يجوز إلا في المحرّم.

والسبَق : هو الممنوع إلا في ثلاثة أشياء؛ لأن السبَق هو العوض، والسبْق هو التقدم، السبْق على الأقدام جائز.

إذاً السبَق في ثلاثة أشياء: في النصل، والحافر، والخف، وما كان بمعناها فهو مثلها، فالبنادق والصواريخ الآن مثلها، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يوجد إلا السهام؛ لكن الآن تطورت الأسلحة، أي سلاح فإنه يجوز المسابقة عليه بعوض.

كذلك أيضاً الدبابات، والطائرات الحربية، وناقلات الجنود كلها يجوز فيها السبْق" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (73/ 30).

فالحاصل :

أن تعلم الرمي بالآلات الحديثة يلحق بالرمي بالسهام، تعلما، ومسابقة؛ وهذا ظاهر إن شاء الله، لا خفاء به.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب